أرنب أو ثعلب ...ذلك هو خيار الأسد الوحيد في لبنان!
لبنان وشعب لبنان, وكما هو معروف, خاضع
ومنذ ما يقرب الثلاثة عقود من الزمن للاحتلال من دولة عفالقة الشام, وجنود قوات
الردع السورية في لبنان, لا يختلفون كفيلكم رب العباد, على مستوى الوعي المتدني
والسلوك الهمجي في التعامل مع الشعب اللبناني,عن مطايا العوجة ممن جعلهم صدامهم
يتحكمون في مصير سادتهم من أهل العراق!
وقبل سقوط صدام عفالقة العراق, وطوال
السنوات التي أعقبت دخول قوات الردع,
كان من الصعب على أحد في لبنان, على المستوى الرسمي, بما في ذلك رئيس
الجمهورية والحكومة ومجلس النواب, أو على صعيد الأحزاب والقوى السياسية, وصولا الى
الصحف وسائر وسائل الأعلام الأخرى...الخ اتخاذ ولو خطوة واحدة, حتى على مستوى
التصريح أو حتى التلميح, بما يتعارض مع المواقف المعلنة لقيادة الحزب والثورة في
دولة عفالقة الشام, وخصوصا حول القضايا العقدية مثار الخلاف على الصعيد العربي,
كما هو الحال مثلا من الموقف في العراق بعد سقوط صدام!
و.... ومن يخرج على الطوع أو يحاول أن يلعب
بذيله, مهما كان موقعه ومكانته, على الصعيد الرسمي أو الشعبي, هناك ألف طريقة
وطريقة لتصفيته جسديا, وبحيث يضيع ( دمه بوله بالشط) من خلال تحميل العدو الصهيوني
والإمبريالية تبعات الجريمة ...الخ تماما على النحو الذي يعتمده القطر الإسرائيلي
الشقيق ( الله يساعد لبنان على هيجي أشقاء!) حين كان يلقي بتبعات جرائمه القذرة,
على صعيد تصفيات قادة الكفاح ضد وجوده الغاصب في الجنوب اللبناني, على عاتق
المخابرات السورية أو الإيرانية
...وهكذا
وما تقدم بات عمليا, بمثابة قانون سائد في
لبنان, وتحديدا منذ اغتيال المناضل والمجاهد كمال جنبلاط , عام 1975 والذي كان صمام الأمان والوئام في
لبنان المتعدد الأديان والطوائف, وجرى اغتياله بعد أن بات وجوده, يشكل العقبة
الوحيدة أمام المخططات الإسرائيلية وسائر أنظمة القمع والتخلف اليعربية, لتفجير
الحرب الأهلية في هذا البلد, الذي كان يعد حقا وفعلا, يوم ذاك النقطة المضيئة
الوحيدة في سماء التخلف العربي, بعد أن نجح الشعب اللبناني, العريق بحضارته ومستوى
الوعي المتقدم بين أبناءه , ومنذ الخمسينيات من القرن الماضي, في بناء أول تجربة
ديمقراطية في وسط محيط التخلف
والهمجية السائد في ربوع المنطقة العربية! تلك التجربة التي كانت وبحق تعد, نموذجا
حضاريا وديمقراطيا متقدما, حتى بمقاييس هذه الأيام!
لماذا الحديث عن الاحتلال السوري لدولة لبنان ؟!
هناك اليوم وكما هو معروف, معركة سياسية ضارية في لبنان, وتدور في الظاهر حول انتخاب رئيس
جمهورية جديد, بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي أميل لحود, ولكن في الواقع هذه
المعركة تدور حول ما هو أخطر من ذلك بكثير: هل يملك اللبنانيون, وقواهم السياسية,
الحرية فعلا, لممارسة حقهم المشروع في انتخاب رئيس جديد, باعتبارهم يعيشون حقا في
بلد مستقل ويتمتع بكامل السيادة الوطنية, وخاصة بعد نجاحهم في تحرير وطنهم طرد
قوات الاحتلال الإسرائيلية بالقوة من الجنوب اللبناني؟!
هذه المعركة الضارية, مسرحها العملي لبنان,
وتتعلق بمستقبل شعب لبنان , ولكن في واقع الأمر, مصير هذه المعركة, يتوقف راهنا
على نتيجة الصراع ما بين مراكز القرار الدولي وخاصة في واشنطن وباريس من جهة,
ودولة عفالقة الشام من جهة أخرى, دون إغفال دور وحجم مساهمات العديد من الأطراف
الأخرى في هذا الصراع, وبشكل خاص : إسرائيل, السعودية, إيران, مصر, الأردن ....الخ
الدول والأطراف الفاعلة, فيما يتصل بمسار الأحداث, في الشرق الأوسط, ارتباطا بقضية
الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وانطلاقا مما حدث ويحدث منذ سقوط نظام العفالقة
الهمج في العراق!
دولة عفالقة الشام, بقيادة وريث العرش بشار
الأسد, تسعى للحصول على دعم مصر
والسعودية وإيران بما يساعدها على استمرار وجودها البغيض في لبنان من
خلال فرض استمرار الرئيس
الحالي لحود في منصبه لمدة ثلاثة أعوام أخرى, خلافا لبنود الدستور, وبالضد من
المعارضة الشعبية الواسعة وإرادة بعض الأطراف الأساسية في الساحة اللبنانية,
وتحديدا في وسط المسيحيين والدروز...الخ
وبالمقابل نجحت الولايات المتحدة
الأمريكية, بالتوافق مع فرنسا, بكل ثقلها المعروف على صعيد اللعبة السياسية في
لبنان, من إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي, يدعو الى خروج القوات السورية وعدم
التدخل في الانتخابات الرئاسية ...الخ ما جاء في نص القرار الدولي, والذي يعبر في
محتواه العام, مع شعارات الحملة الواسعة النطاق على الصعيد اللبناني, ضد محاولات
تعديل الدستور والتمديد للرئيس الحالي, مع الأخذ بعين الاعتبار, ما تؤكده القوى
السياسية الرافضة للتدخل السوري, أن المساعي الأمريكية الفرنسية المشتركة, والتي
في الظاهر تسعى الى تخليص ( أو حتى
الزعم ) بتحرير لبنان وشعب لبنان, من لعنة احتلال دولة عفالقة الشام, لا تنطلق
بالأساس من مصلحة شعب لبنان, وإنما من مصالح وأهداف ومخططات واشنطن وباريس في
منطقة الشرق الأوسط, هذا الجزء الحيوي من العالم, الذي سوف يظل والى أخر نقطة نفط,
ساحة جذب وتصارع, بين كل من يريد ممارسة دور الشرطي على الصعيد الدولي, وفي
الطليعة دائما وأبدا : ماما أمريكا !
السؤال: هل بمقدور وريث العرش, بشار الأسد وسدنة دولة
عفالقة الشام, إدراك أن الصراع الضاري الذي يجري اليوم في لبنان, سياسيا لغاية
كتابة هذه السطور, يعكس في الواقع,
طبيعة موازين القوى الذي بات يسود اليوم منطقة الشرق الأوسط , وتحديدا بعد سقوط
صدام حليف فرنسا القوي على يد القوات الأمريكية والبريطانية وبضرب القنادر؟!
وهل من الصعب على هولاء المساكين من حكام
دولة العفالقة في الشام, إدراك أن المطلوب أمريكا, ليس فقط التخلي عن موقف العداء
لوجودهم في العراق وحسب, وإنما الخروج من مستعمرتهم في لبنان, وكذلك نزع اللباس,
أو بالأحرى رفع اللباس عاليا, دلالة الموافقة على الاستسلام لما تريده إسرائيل, من
تطبيع للعلاقة وفتح سفارتها في دمشق بعد القاهرة وعمان, مقابل إعادة ما يزيد عن
حاجتها من مرتفعات الجولان؟!
بتقديري الخاص, وفي ظل موازين القوى الراهن
على الصعيد الإقليمي والدولي, ما هو متاح من الخيارات أمام عفالقة الشام في الوقت
الحاضر, محدودة للغاية, وخاصة بعد هذا التحول الدرماتيكي في الموقف الفرنسي,
وتصاعد مستوى التحدي وعلنا, لوجودهم في لبنان, حتى من قبل بعض الأطراف السياسية
الفاعلة, التي كانت تصنف تقليديا باعتبارها قوى حليفة ( حليفة غصبا!) وعلى صعيد
الأوساط الشعبية ووسائل الإعلام ....الخ*
وبالتالي الاستمرار بممارسة الوهم وتمثيل دور ( الأسد) في لبنان, بالحديث
عن المعركة المصيرية ضد الإمبريالية والصهيونية, وتحرير فلسطين من البحر للنهر
وبالعكس ....الخ ما أعتاد جميع أولاد القبحة من الحكام العرب, ترديده لمواصلة
اضطهاد وقمع الناس, كل ذلك وغيره من الشعارات الطنانة والرنانة, ما عادت ( تؤكل
خبز) ولا تكفي, كفيلكم رب العباد, حتى للاستمرار في الضحك على ذقون ( الجماهير
العريضة) !
المشكلة أن وريث العرش ( بشار الأسد) قدم
ولا يزال وتحديدا منذ سقوط صدام (العدو الذي صار حليفا على غفلة) ما يكفي من
الشواهد والأدلة, على الافتقار للحد الأدنى من الخبرة والحنكة السياسية, التي كان
يمتلكها ( الأسد الراحل) وخاصة على صعيد عدم الاستنكاف ( وهو ملك الغابة!) عن
ممارسة دور الأرنب في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلية في هضبة الجولان السورية,
أو دور الذئب الشرس للغاية في لبنان, الى جانب الدور الذي براع في أدائه الى مات
.....دور الثعلب على صعيد اللعب بين مراكز القوى الإقليمية والدولية, وتبعا
لمتطلبات الأوضاع والتطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط, الحافلة على الدوم
بما هو مطلوب من الصراعات الدموية والمساومات السياسية.....الخ !
بالعراقي الفصيح: هل يملك بشوره الأسد ما يكفي من الوعي,
بما يساعده وبسرعة على قراءة الواقع السائد اليوم في منطقة الشرق الأوسط بعد سقوط
صدام, أو يفهم مغزى ودلالة هذا التدخل الأمريكي المباشر, على صعيد الوضع اللبناني,
وهو ما كان الى ما قبل سقوط صدام, يعد من قبل فرنسا تجاوزا على دورها التقليدي في
لبنان, وقبل هذا وذاك الاقتناع ( وبالمعروف!) أن هذا التوافق الفرنسي الأمريكي,
يعني فيما يعنيه بداية النهاية للاحتلال السوري لدولة لبنان؟!
أن تجاهل كل هذه الوقائع والمعطيات, سواء
من خلال إرغام وزراء لبنان والمجلس النيابي في لبنان وعبر أساليب التهديد والوعيد
بما في ذلك التصفيات الجسدية...الخ ما هو معروف من الأساليب والوسائل التي
يستخدمها نظام عفالقة الشام لمواصلة وجودهم الكريه في لبنان, أو من خلال الاستمرار
في ترديد سالفة مواجهة التدخل
الإمبريالي والتصدي للهجمة الإمبريالية والصهيونية.....الخ ما أعتاد أولاد القحبة
من الحكام العرب ترديده لمواصلة قمع واضطهاد شعوبهم, كل ذلك ما عاد كفيلكم رب
العباد ( يمشي) هذه الأيام إلا على المطايا, خاصة حين يجري تردديها من قبل حكام
الشام بالذات, الذين يرفعون لواء المكاومة والتحرير, فيما تواصل قوات الاحتلال
الإسرائيلية وجودها الغاصب في
الجولان السورية بمنتهى الاطمئنان, هذا إذا كان المرء, لا يريد أن يعيد التذكير
بمصير لواء الاسكندورنة, الذي بات سالفة عتيكة كلش, ولا ينبغي التوقف عندها من قبل
عفالقة الشام حرصا على عدم تعكير صفو العلاقة مع حكام أنقرة, وبشكل قد يؤدي
بالتالي الى خربطة التنسيق على صعيد الجهود المشتركة في مواجهة العدو : الشعب
الكوردي في العراق!
و....كل ما تقدم من أفلام وملاعيب نظام
عفالقة الشام, قد تجدي لبعض الوقت, وقد تؤدي الى نوع من المساومة, تضمن لعفالقة الشام,
الخروج بشوية ( كرامة!) من المأزق
الراهن, مأزق المواجه مع واشنطن وباريس, وضمنا التخلص من التهديدات الإسرائيلية
البالغة الخطورة حاليا, ولكن كل ذلك, سوف لا يقدم ولا يؤخر كثيرا بتقديري, من
الحقيقية: حقيقية أن وجود قوات نظام عفالقة الشام في لبنان, بات موضوعا مطروح
للحسم, على صعيد الشهور القليلة القادمة, والإصرار على معاندة حقائق الواقع,
وبالتحديد تصاعد الرفض الشعبي في لبنان للوجود السوري, وعدم إدراك طبيعة موازين
القوى السائدة اليوم في الشرق الأوسط, قد تكلف نظام عفالقة الشام, ما هو أكثر
بكثير من وجود قواتهم في لبنان!
أن شعب لبنان الصغير بعدد نفوسه,
وأكبر بلدان العرب على صعيد الفعل, وحيث تمكن من تحرير أراضيه من القوات
الإسرائيلية, الأمر الذي عجزت عن تحقيقه سائر أنظمة أولاد القبحة, وفي مقدمتهم
نظام عفالقة الشام, يعطي هذا الشعب كامل الحق, في أن يعيش بحرية ويقرر مستقبله دون
وصاية من أحد, كائن من كان!
و...خروج قوات عفالقة الشام من الأراضي
اللبنانية, وبسرعة ودون تأخير, هو الخطوة الأولى والضرورية, لعودة الشعب اللبناني إلى
ممارسة دوره الرائد من جديد, في ميدان الفكر والثقافة والعمل الديمقراطي.**
سمير سالم داود – الثالث من أيلول 2004
* بما في ذلك على وجه الخصوص أحد أبرز حلفاء عفالقة الشام وليد جنبلاط
الذي وبعد نجاته من محاولة الاغتيال الشهيرة من قبل المخابرات السورية, أستوعب
الدرس جيدا, وتحول إلى تابع ذليل لتنفيذ ما تريده دمشق حرفيا, في حين يرتفع اليوم
صوته في تحدي إرادة بشوره الأسد, لمعرفته أن موازين القوى التي تتحكم في تقرير
الأمور في لبنان, ما عدت مثل أيام زمان, وأن ماما باريس جادة هذه المرة, ومو شلون
ما جان, وبالتنسيق مع ماما أمريكا, على إنهاء الوجود السوري في لبنان, وعمليا ليس
هناك اليوم من يدافع عن الوجود السوري سوى العفالقة ( جماعة بشوره وجماعة صدام)
و........حزب حسن نصر الله, المشغول بدعم المكاومة في العراق بقيادة مقتدى الصغير
وعبد الأمير المركوب ومادونا المرادي!
** أدري أن بعض المناضلين والمناضلات الحوك
دفاعا عن حقوق الإنسان, ممنوع توقفهم للإشارة ولو حتى بشكل غير مباشر للانتهاكات
الفضة لحقوق الإنسان في ظل عفالقة الشام, ولا يخطر على أذهانهم مجرد التفكير
بالاحتجاج حتى ولو بمعسول الكلام على الجرائم التي يجري ارتكابها ضد الشعب الكوردي
في كوردستان سوريا, ولكن ترى ما الذي يحول دون مبادرة هولاء ( الحوك) من الذين
يزعمون دفاعهم ومو شلون ما جان عن حقوق الإنسان, إلى ممارسة حتى النقد وديا ضد
تدخل عفالقة الشام في موضوع اختيار رئيس الجمهورية في لبنان! يعني الشعب اللبناني
تره هم خطيه يا دعاة حكوك الإنسان في هذا الزمان الطايح حظه مو شلون ما جان!