أسالوا السفاح أولا عن مصير الشباب من الكورد الفيلين؟!
تكّولون يومه صدام وكّع، لعد ليش ماجد ما رجع؟!* هذا السؤال الذي لاتزال الخالة أم سمير
تردده في استوكهولم، بعد مرور اكثر من عام على سقوط نظام العفالقة الهمج، يختصر في
الواقع، لدى كل من عنده، ولو شوية ضمير ،حجم القهر والوجع، الذي يعتمل في نفوس
عوائل آلاف الشباب من الكورد الفيلين، شباب في عمر الزهور، ممن تم اختطافهم بعد
تهجير عوائلهم إلى إيران، وحيث ظلوا طوال عقدين من الزمن، يتجرعون صنوف التعذيب
والإذلال في سجون العفالقة الأنجاس, ممن لا يزال مصيرهم مجهولا لغاية اليوم .
تكولون يومه صدام وكّع، لعد ليش ماجد ما رجع؟!** هذا السؤال لا يمكن لحثالات وجرابيع صدام
من (العراقيين) بين قوسين وزبالة العربان, التوقف عنده ولو بشكل عابر، رغم أن
الأمر يتعلق بجريمة دارت فصولها المروعة، بشكل خاص داخل سجن أبو غريب، وعلى الضد
من كل ضجيجهم اليوم عن المزعوم من حرصهم عن حقوق الإنسان, التي أنتهكها الأمريكان في
التعامل مع المجرمين من ازلام النظام المقبور في سجن أبو غريب!
تكّولون يومه صدام وكّع، لعد ليش ماجد ما رجع؟!
هذا السؤال بالذات لا يمكن بالمطلق أن تتوقف عنده العاهرة مادونا المرادي، وهي
التي لاتجد حرجا من عرض مؤخرتها العارية أمام صحف الكابونات النفطية وفضائيات
العهر العربية، ليس فقط على أساس أن جنابها الزفر (كادر شيوعي..تصورا!) وشيعية قح
(تصورا!) وإنما وتلك ثالثة الأثافي : كوردية فيلية، متجاهلة وبمنتهى الصفاقة، أن
ليس هناك في العراق اليوم، من يعتبر من هم على شاكلتها من العفالقة الهمج، في عداد
البشر أساسا!
تكّولون يومه صدام وكّع، لعد ليش ماجد ما رجع؟!
هذا السؤال الصادر عن أم كردية تم انتزاعها من الوطن وتهجيرها إلى إيران مع مئات
الألوف من الكورد الفيليلة، هذا السؤال لا يمكن أن يتوقف عنده الأنذال من الداعين إلى
تجاوز مخلفات الماضي (هكذا!) والاستفادة من خيرة كوادر نظام العفالقة في إقامة صرح
الديمقراطية في العراق (هكذا!) ولا حتى تجار الثرثرة ممن لا يريدون أن نغلظ القول ضد
العفالقة الأنجاس، حرصا على مشعول الصفحة الزوق العام!
كان الأمل والطموح، أن يتم وفور سقوط نظام
السفاح، إطلاق سراح ما يزيد عن سبعة آلاف شاب كوردي فيلي أو على الأقل من تبقى
منهم على الحياة بعد ما يقرب الربع قرن من الزمن. كان الأمل والطموح، أن تحتل هذه
المأساة الإنسانية المروعة، ما تستحق من الاهتمام والمتابعة، طوال العام الذي مضى،
وبحيث يتم الكشف عن الحقيقة، حقيقة ما حدث لما يزيد عن سبعة آلاف شاب كوردي فيلي،
منذ اختطافهم بعد تهجير عوائلهم، دون أن يرتكبوا جرما، ولمجرد أن يظلوا رهائن بيد
نظام العفالقة الهمج، لتهديد عوائلهم من خطر العمل ضد النظام الصدامي، والأمر لمن
لا يدري، يتعلق بما يزيد على النصف مليون من الكورد الفليين، الذين جرى اقتلاعهم
من العراق عنوة، في واحدة من أبشع عمليات التطهير العرقي والطائفي والسياسي.
عملية احتجاز حرية ولو إنسان واحد كرهينة،
للحصول على فدية من المال، مقابل إطلاق سراحه، تعد جريمة، وجريمة بشعة، خاصة حين
يقدم الخاطف على قتل الرهينة بعد رفض تلبية شروطه! ....و...حين
يجري احتجاز رهينة لدوافع سياسية، فأن ذلك يتحول إلى موضوع يتصدر الأخبار ومحتويات
التعليقات, في جميع وسائل الأعلام المرئية والمسموعة محليا وعالميا، كما هو الحال
مع عمليات السفلة من الإرهابيين اليوم في العراق، ترى لماذا إذن لم يجري التعامل
من خلال هذا المنظور ،مع جريمة اختطاف واحتجاز حرية أكثر من سبعة آلاف شاب كوردي
فيلي، طوال استمرار فترة احتجازهم كرهائن التي تواصلت منذ عام 1980 ولغاية سقوط
نظام العفالقة الهمج في نيسان 2003؟!
و.....إذا كان من المتوقع تماما, أن تتجاهل
فضائيات العهر العربية، هذه الجريمة، جريمة اختطاف وقتل أكثر من سبعة آلاف شاب
كوردي فيلي، وهي التي حاولت نفي مسؤولية نظام السفاح صدام عن جريمة حلبجة والمقابر
الجماعية ....الخ جرائم وبشاعات النظام التي تكشفت بالملموس يعد سقوط نظام
العفالقة الهمج، ترى ما الذي حال دون العمل وبعد سقوط النظام على تشكيل لجنة
عراقية وبمشاركة دولية، لتقصي الحقائق، عن مصير أكثر من سبعة آلاف شاب كوردي
فيلي؟!
كنت أتوقع أن جريمة النظام العفلقي، جريمة
خطف وقتل أكثر من سبعة آلاف شاب كوردي فيلي، ستكون قطعا وحتما ضمن لائحة الاتهامات
حين تحل ساعة محاكمة السفاح صدام، ولكن للأسف الشديد، تضمنت لائحة الاتهام الكثير
من جرائم السفاح صدام، مع إهمال ذكر هذه الجريمة البشعة بكل المقاييس والأعراف...و....هذا الإهمال ينطوي بتقديري على ما هو أكثر من
الخطأ، ولا أبالغ إذا ما قلت, أن هذا الإهمال عندي ضرب من الخطيئة، وأتمنى صدقا أن
يكون ذلك حدث، دون قصد، نتيجة الظروف الصعبة والمعقدة التي يعيشها العراق وتجري في
ظلها محاكمة السفاح والمجرم صدام! هذه الظروف التي تفرض كما هو معروف، حالة من
الارتباك، الذي لا يزال وسيبقى (إلى متى لا أدري!) يسود عموم الوضع السياسي في
العراق!
لماذا التأكيد على أهمية تضمين هذه الجريمة
إلى لائحة الاتهام ضد السفاح صدام؟!***
لان هذه الجريمة بالذات، لم يجري تسليط ما
يكفي من الضوء عنها وحولها إعلاميا لغاية اليوم ، على الرغم من أن تفاصيل هذه
الجريمة، كفيلة بالكشف عن جانب أخر، مازال غير واضح بالكامل ، لتبيان مدى بشاعة
النظام الصدامي، وبشاعة ممارسات النظام الصدامي وفي سجن أبو غريب بالذات، خاصة وأن
المجرم طه الجزاروي, أعترف عند اعتقاله من قبل البيشمركه في كوردستان ،وقبل تسليمه
إلى قوات الاحتلال ، أن الكثير من الرهائن من الكورد الفيلين في سجن أبو غريب، كان
يجري استخدامهم من قبل مراكز أبحاث الموت التابعة للعفالقة، لتجريب مدى فعالية
الأسلحة الجرثومية، عندما يحين موعد استخدامها على نطاق واسع، ضد شيعة علي في
الوسط والجنوب أو ضد الكورد في كوردستان .
لكل ما تقدم، أتمنى، ليس فقط تشديد
المطالبة، بأدراج هذه الجريمة إلى لائحة الاتهامات عند المباشرة بمحاكمة السفاح
صدام وأركان عصابته، وإنما أن يكون العمل من أجل الكشف عن جميع تفاصيل هذه
الجريمة، بداية السعي الجاد من قبل جميع القوى الكوردستانية لتقديم كل ما يمكن من
العون, من أجل تجاوز حالة الانقسام والتشتت في وسط الكورد الفيلين، لان هذا
الانقسام ووجود عدد كبير من الجمعيات والتجمعات، حال ولا يزال، دون أن يستعيد
الكورد الفيلين حقوقهم المهضومة، ولا حتى أن تتوفر أمامهم الفرصة، لممارسة دورهم
المطلوب والضروري على الصعيد السياسي، في عراق ما بعد صدام، أو بعبارة أخرى، بشكل
يتناسب واقعيا مع الدور المتميز للغاية الذين بمقدورهم ممارسته، باعتبارهم كورد
ومن شيعة علي ومعادين للعفلقية ومناصرين للديمقراطية! ****
*في تشرين أول عام 1978 التقيت مع ماجد أخر
مرة، كان يوم ذاك، يضع أول خطواته على طريق الشباب، في الواقع لم يكن يتجاوز
السابعة عشر من ربيع العمر، حين تم تهجير أسرته إلى إيران في نيسان 1980 تم اختطافه
من قبل العفالقة الأوباش، ظل والده يعيش على أمل أن يراه إلى أن مات كمدا قبل بضعة
أعوام، وولدته الخالة أم سمير ورغم جميع متاعبها الصحية الخطيرة لاتزال تتشبث
بالحياة بقوة، على أمل واحد: أن تلتقي مع ماجد ولو للحظة واحدة، ولا أحد بمقدوره
أن يخبرها بالحقيقة، وما زالت لغاية اليوم، تردد بلهفة ولوعة ألام: تكّولون يومه صدام
وكّع، لعد ليش ماجد ما رجع؟!
** هذه السؤال الصرخة، تردده في الواقع ليس
فقط الخالة أم سمير وسواها من أمهات الشباب من الكورد الفيلين، وإنما صرخة ترددها
عوائل كل ضحايا نظام العفالقة الهمج، جميع العراقيين الذين تعرضوا لكل أشكال
العسف، حتى ولو على مستوى الطرد من العمل أو الحرمان من الدراسة الجامعية....الخ قائمة
جميع ضحايا صدام ونظامه الوحشي، ممن لا يمكن، ولهم كامل الحق، إقناعهم أن نظام العفالقة الهمج،
انتهى وسقط في التاسع من نيسان عام 2003، دون استعادة كامل حقوقهم، والتعويض عن
معاناتهم، وقبل المباشرة وعمليا في إزالة جميع أثار جرائم النظام العفلقي، ...و....ذلك
كان ولا يزال وسيظل, هو المطلوب تحقيقه أولا وعاشرا، من قبل جميع من يزعمون الحرص
على حقوق عوائل جميع ضحايا النظام العفلقي الهمجي، ضحايا الحروب، والمقابر
الجماعية، وحملات التعريب البربرية، والقصف الكيماوي، وحروب الإبادة في كوردستان
والاهوار، وضحايا التعذيب والتصفيات وقطع الأيادي....الخ جرائم نظام البشاعة
العفلقي، وما هو الأساس والمنطلق والمطلوب اعتماده على صعيد العمل رسميا وعلى صعيد
ممارسة فعل الكتابة, وليس مشاطرة شعيط ومعيط، ممن تجري في عروقهم دماء عفلقية، في الدعوة
إلى تجاوز جراحات الماضي!
*** صدقا لا أدري ما هو مبرر أو دواعي، هذا البخل
الشديد، على صعيد لائحة الاتهام في تحديد جرائم صدام ونظام العفالقة الهمج، وحصرها
بمجرد سبع تهم فقط لاغير،ترى على سبيل المثال، ألا يعد تشويه الشوارع والأماكن
العامة بصور الطاغية الكريهة وتماثيله البشعة وتكرار ظهوره جهرته على شاشة
التلفزيون يوميا، ألا يعد كل ذلك جريمة مزدوجة، إشاعة الخوف في نفوس الناس من جهة
وإساءة للذوق العام من جهة أخرى؟!
**** باعتبار داعيكم يموت من سالفة المناشدات
والعواطف ....الخ أقترح تشكيل لجنة خاصة لتقصي الحقائق، بمشاركة جميع الجمعيات
العاملة وسط الكورد الفيلين، تعمل من أجل أن تنال قضية اختطاف أكثر من سبعة آلاف
شاب كوردي فيلي ومصيرهم ، ما تستحقه من الاهتمام على الصعيد السياسي والإعلامي
محليا وعالميا، و....باعتبار العبد لله، أبن أخت الكورد الفيلين، وثلثين الابن على
أخواله، على استعداد لتقديم كل ما يمكن من العون صحفيا لتحقيق هذا الهدف!
هامش: أتمنى من الزملاء في (طريق الشعب) العمل
على تقديم شهادات واقعية لمن عايشوا تجربة سجن أبو غريب وشاهدوا وعن قرب ما كان
يرتكب من بشاعات ضد مناضلي قوى المعارضة، ولتكن البداية مع شهادة الرفيق كمال شاكر
سكرتير الحزب الشيوعي الكوردستاني، الذي أمضى شهورا عديدة في عام 1976 على ما أذكر
في قاطع الإعدام، وكان على تماس مباشر مع العديد من الشيوعيين الأبطال، وخاصة
الذين جرى إعدامهم ( أكثر من 31 شهيد) في أيار 1978، بعد أن ظلوا طوال ما يزيد على
الثالثة أعوام، يتجرعون الموت يوميا في قاطع الإعدام في سجن أبو غريب!