ملحق الحلقة الأخيرة
بعد أيام معدودة من ذلك اليوم المشهود من
عام 1975, جرى نقل خدمات العبد لله للعمل
وبذات الوظيفة (كاتب صادرة وواردة) في القسم الخاص بأرشيف الأفلام الطويلة, والذي
كان بالذات وتحديدا, مسرح ما حدث يوم ذاك من الفضيحة, وكنت أعتقد أن قرار النقل,
ربما كان من قبيل التعويض عن عمل المطرودة (........) بتهمة سوء السلوك والسمعة,
والتي أعادها صدام شخصيا إلى حيث تريد العمل في الفرقة القومية للتمثيل, أو بفعل
ملاحظة ( السيد النائب) عن ( الميز الأخر) أو شيء من هذا القبيل, قبل أن يتوضح لاحقا,
أن الأمر ما كان يعود من حيث الأساس, لما تقدم تصوره من الدافع, وإنما جرى اعتماده
نتيجة العجز عن إيجاد المناسب من السبيل, للتعامل مع مصيبة العبد لله, خصوصا بعد
أن بات موضوع تحويل المرحاض لغرفة عمل لداعيكم, مادة للتصنيف والسخرية, وإبداع
المناسب من الطرائف, وعلى نحو كان يفيد الإيحاء لشخص الجربوع ضابط أمن المديرية...و....عمليا التعامل
مع العبد لله بهذا الأسلوب المرفوض والمستهجن وظيفيا وأخلاقيا, قاد لما هو العكس
تماما من دنيء الهدف,* وصدقا ليس فقط لان غضب الله تعامل مع هذا الجائر من العقاب بمنتهى
الاستهانة والاستخفاف , وإنما لان ذلك بات بشكل غير مباشر وبمنتهى الحذر, منطلقا
للتحريض ضد هذا الجائر من الظلم, وبالطبع ما كان هذا الجهد بعيدا عن دور ونشاط عدد
غير قليل من العاملين في المختلف من أقسام المديرية والذين اكتشفت لاحقا وتدريجيا,
ارتباطهم تنظيميا أو صداقيا مع الحزب الشيوعي العراقي!
و.... الجديد من موقع العمل, وعلى العكس تماما من محدود مساحة المرحاض من
الغرفة, كان عبارة عن صالة كبيرة أقرب ما تكون
لكراج طائرات, أقصد واسعة على نحو غير مألوف, مع سقف مرتفع للغاية, وثلاثة من
جدران هذا الكراج, كانت تحتلها صفوف متراصة من الرفوف الحديدية, تضم العشرات من
رولات الأفلام السينمائية الطويلة, مع عدد كبير من أفلام الفيديو الخاصة بتسجيلات
الأعمال المسرحية لفرقة المسرح القومي, وعروض فرقة الفنون الشعبية... و...في هذا الكراج
كانت بانتظاري مفاجأة سارة, حيث اكتشفت وبسرعة أن مسؤول القسم متزوج من فتاة ولدها
عامل نجارة شيوعي** يعمل في ذات المديرية, ودعاه بحضوري وبشكل أقرب ما
يكون للأمر, أن يتعامل مع داعيكم, كما لو كان بعضا من أفراد العائلة, وفي الواقع
الرجل, ما كان بحاجة لمثل هذه التوصية أساسا, حيث كان وكما عرفت لاحقا, ينتمي
بدوره لعائلة تتعاطف مع أهل اليسار, وكان شقيقه الكبير محسوبا ذات يوم, على جماعة
القيادة المركزية, وأن كان هو شخصيا, لا يريد وبعد الزواج, غير ممارسة فعل
الاستقرار اجتماعيا, وبعيدا عن بلاوي أهل السياسية, وعلى النحو الذي كان في
الواقع, وللمختلف من الدوافع, يحكم في تلك الفترة من الزمن, مواقف الكثير من
الناس, ولذلك تعامل المسكين مع قرار وضع داعيكم في عهدته وظيفيا, باعتباره دليلا
أخر يؤكد حظه العاثر, خصوصا بعد أن ظل يعيش في غاية القلق والتوتر طوال فترة وجود
المطرودة, وبكل ما تملك من صلافة السطوة ولغاية حضور مولاها المرعب ...الخ ما ورد
سابقا من تفاصيل فضيحة ذلك اليوم المشهود من عام !1975
و...على صعيد العمل,ظل داعيكم ( عطال بطال)
وتماما كما كان الحال في المرحاض من الغرفة, وبحيث ما كان عندي طوال ساعات الدوام
من المهمة, غير ممارسة فعل التصنيف والسخرية, خصوصا بعد أن تحول مكان عمل العبد
لله في هذا الكراج إلى ( خانجغان) يزوره وللمختلف من مفبرك الذرائع, العديد من
جماعة ربعنا, وبشكل خاص ممن كانوا يعملون في قسم الإخراج والمونتاج والتصوير...الخ
مفاصل عمل قسم السينما, وحيث كانت تتصاعد أصوات الضحكات, بفعل تعمد رواية الطرائف
عن (الجلاب) وأن كان بعيدا عن المباشر من العبارة, ولكن بلغة المفهوم تماما من
الإيحاء, في حين كان مسؤول القسم, يكرر
الرجاء ولخاطر العباس أبو فاضل أن نمارس (الضحك صنطواوي) بفعل ما كان
يساوره من القلق والخوف الشديد, من تبعات اكتشاف أمر ما كنا نردده من الطرائف عن
العفالقة, وبحيث كان خطيه يتعمد الدخول والخروج باستمرار من الغرفة, وفي أحيان
كثيرة يظل متسمرا عند الباب,
للتحذير في حال قدوم واحد من ( الجلاب) *** باتجاه الكراج و....لكن؟!
للأسف الشديد دوام الحال من المحال, إذ
سرعان ما تقرر وبعد أسابيع معدودة, نقل خدمات العبد لله من جديد, وهذه المرة للعمل
في قسم ما أدري شنو, والذي كان عبارة عن مجرد غرفة صغيرة وبدون شباك, كانت وكما
علمت لاحقا, يشغلها سابقا بواب المديرية, ومساحتها من حيث الطول, كانت أصغر بكثير
من مساحة المرحاض من الغرفة, وعرضها كان بالكاد لا يكفي لوجود ما هو أكثر من
طاولتين متلاصقتين تماما في مواجهة بعض, ....و...داعيكم
صار وظيفيا هذه المرة, بعهدة واحد بعثي تجاوز العديد من سنوات عقده الخامس من
العمر, وربما كان المسؤول الأول في حزب العفالقة في المديرية, حيث كان يعيد ودون
ملل, وأكيد بدافع من النسيان, حكاية نجاحه في كسب ولاء صلاح عمر العلي لصفوف
حزبهم, والشيء الذي أثار اهتمامي أن هذا البعثي العتيكّ كّلش, وعلى ما أكر كان
يدعى أبو علي, كان صريحا للغاية ومنذ البداية, وبحيث تحدث بدون لف أو دوران, عما
ما أسماه وجود عدم ارتياح عند الإدارة
(أكيد كان يقصد ضابط أمن المديرية) من توسع شبكة علاقاتي بالعاملين من
مختلف الأقسام, ودعاني من موقع الناصح, أن التقي مع من أريد أن التقي, ولكن بعد
انتهاء ساعات الدوام, وفي الواقع العبد لله, ما كان بحاجة لهذه النصيحة, بعد أن
بات محتواها في حيز التنفيذ عمليا, أقصد أن قرار حشري في غرفة البواب سابقا, جعل
من الصعب, لضيق المكان أولا استقبال من يرغب بزيارة داعيكم, والأصعب من ذلك ثانيا,
بات القيام بمثل هذه الزيارة, ضربا من المغامرة, بحكم وقوع الغرفة على مقربة من
قسم الإدارة , وتحت الدائم والمباشر من سافل بصر ضابط أمن المديرية!
و...
في القسم الجديد ما عاد العبد لله, يمارس وظيفة كاتب صادرة وواردة, وإنما كتابة ما
يفيد أرشفة تاريخ السينما العراقية,
ولتحقيق هذه المهمة, كان أبو علي يزود داعيكم بالمطلوب من المعلومات المنشورة في
الصحف والمطبوعات عن العديد من هذه الأفلام ونجوم السينما العراقية فضلا عن تسهيل
مهمة اللقاء مع بعض من عملوا في ميدان إخراج وتمثيل البعض من هذه الأفلام وأذكر
منهم بشكل خاص الفنان ياس علي خضر بطل فلم (عليا وعصام) على ما أتذكر اليوم,....و....والأهم من
كل ذاك, أن الرجل تعهد وحال إنجاز العبد لله لهذه المهمة, الحديث بشكل شخصي مع
المدير العام, بهدف إقناعه اللقاء مع داعيكم لمناقشة موضوع طلب الاستقالة من
الوظيفة, وذلك ما حدث بالفعل ومباشرة بعد أن كتابة المطلوب وخلال فترة قياسية من
الزمن..و.....لكن؟!
توقعات العبد لله عن المنتظر من اللقاء مع
المدير العام ( عبد الأمير معلة) كانت لا تتوافق مع ما كان ينتظرني من المفاجأة,
إذ عوضا عن السؤال, عما يدعوني للإلحاح بطلب الاستقالة, تساءل المعلة في بداية هذا
اللقاء, ما إذا كنت أعمل بعد الدوام في طريق الشعب,****....وكان الجواب
هو بالنفي طبعا, مع تبرير توجهي إلى هناك باعتباره لا يتعدى حدود مرافقة شقيقتي
للبيت, بعد انتهاء ساعات عملها في أرشيف الجريدة, وعلى الرغم من أن المعلة ما كان
ساذجا, وبحيث يصدق هذا الفلم, ولكن مع ذلك تظاهر بما يوحي عكس ذلك عمدا, والأكثر
من ذلك راح يتحدث عن قرار معاقبة العبد لله, بجريرة رفض المساهمة ...الخ
باعتباره غلط مرفوض ولا ينسجم مع توجهات (حزبهم) خصوصا وأن ما تحقق من
إنجازات (حزبهم) صارت واضحة, ولا
تحتاج اعتماد أسلوب الفرض للإشادة بمواقف ( بحزبهم), ولتأكيد على ما تقدم رفع
سماعة الهاتف, وتحدث مع أبن ولايته (.......) رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون,
متسائلا عما إذا كان من الممكن أن يعود العبد لله, للكتابة في المجلة بعد انتهاء
ساعات الدوام, وبعد أن حصل على ما لا يساورني الشك من مسبق الموافقة سلفا ***** ردد ما يفيد التأكيد على أن عزمه كان في
البداية, إلغاء قرار النقل وبحيث أعود للعمل في المجلة بدوام كامل, لولا ما اسماه
وجود حاجة ملحة لعملي الصحفي في القسم الجديد الذي تقرر استحداثه بهدف القيام بمهمة الإعلام عن نشاطات المختلف من أقسام مديرية
السينما والمسرح والفنون الشعبية!
و...في قسم إعلام المديرية, والذي
جرى استحداثه بالفعل كما قال المعلة, عاد العبد لله يمارس وظيفيا, ما يحب ويجيد من
المهنة في الميدان الإعلامي, وساهم في تعزيز مشاعر الارتياح عندي,اختيار أحد
الزملاء من الصحفيين للعمل مديرا لهذا الجديد من مفاصل العمل, وحيث كان بالفعل
وحقا, من بين القليل والنادر من شريف الناس وسط صفوف حزب البعث, وعذرا أن كنت لا
أستطيع, لجهل مكان وجوده راهنا, ذكر المزيد من التفاصيل, وعلى نحو يفيد الإشادة
والتقدير بالفعل وحقا******
هذا على العكس تماما, من مساعده الذي كان من الساقطين سياسيا واجتماعيا في
الوسط الفني ومكروه بإجماع الآراء, باعتباره وشأن جميع المستجدين في صفوف العفالقة
من نهازي الفرص, يبالغ في إظهار ولاءه المطلق لقيادة (الحزب والثورة) ويتعمد كل
أشكال التضييق على المساكين الذين كانوا في موقع المستقل سياسيا, ولا يريدون تلويث
سمعتهم بالعمل والتعاون مع حزب العفالقة, والطريف أن هذا الدوني وعلى ما أتذكر,
كان يدعى أو يحمل لقبا, يتصل مباشرة مع مفردة العفونة, وهو ما كان يجسده عمليا من
خلال البغيض من السلوك, وعلى نحو كان يبعث القرف والاحتقار في نفوس جميع من
يتعاملون وظيفيا مع هذا الجربوع العفلقي, والذي ربما بات اليوم هو الأخر يمارس
وظيفة ( موستشار) سياسي أو ثقافي لهذا الوزير أو ذاك, أو يحتل موقعا مهما في ميدان
الثقافة والإعلام, شان الكثير من سافل ذاك الزمان الأغبر !
و.... في هذا القسم, قسم الإعلام,
ظل العبد لله يعمل طوال أكثر من عامين ولغاية اتخاذه قرار ترك العمل الوظيفي
نهائيا في تشرين ثاني عام 1978 ومن ثم وبعد أقل من شهرين, الاختفاء تماما عن الأنظار, وهناك صدقا
الكثير من التفاصيل والوقائع******* الجديرة بالتوقف عندها لاحقا, وبما يفيد
تسليط المزيد من الضوء عما كان يجري من القباحات للتضييق ومحاصرة عمل المسرحيين
والسينمائيين الذين يرفضون الخضوع والتعاون مع حزب العفالقة, ولكن ما يهمني في
سياق هذه السطور, أن أذكر وعلى عجل ما حدث حين استدعاني المدير العام ذات يوم من
خريف عام ********1977 ودون أن يكون هذه
المرة, مرتديا المزيف من قناع الود, وبحيث راح على الفور وبدون
مقدمات, يتهم العبد لله وبصريح العبارة, بالوقوف وراء جميع ما يجري نشره في (طريق
الشعب) من مقصود الانتقادات الحادة للمختلف من نشاطات وأعمال مديرية السينما
والمسرح, ولان الاتهام كان بالفعل بعيدا عن الصواب تماما, وظفت هذا الباطل من
الاتهام, لطلب الاستقالة من الوظيفة, ومن منطلق أن تكرار تهمة العمل في طريق
الشعب,بات أمرا مرفوضا ويحول دون القدرة على ممارسة عملي الوظيفي ...الخ....الخ
المطلوب من البهارات لتدعيم الجديد من طلب الاستقالة, ودون أن أتوقع أو يخطر على
ذهني إطلاقا,حدوث ما سيقود للكشف بالدليل القطاع, والبرهان الساطع, عن ما هو عكس
ما تقدم عن المرفوض من التهمة, وذلك بعد فترة وجيزة من الزمن, وتلك حكاية أخرى قد
أعود للتوقف عندها بالمزيد من التفصيل, يوم كتابة الباقي في الذاكرة, عن تجربة
مساهمة العبد لله في الكتابة لطريق الشعب, وعلى النحو الذي كان يعتمده في الواقع
وبشكل مباشر, العديد من الشيوعيين العاملين في المختلف من الدوائر الحكومية, وبشكل
غير مباشر, الكثير والكثير للغاية من أعضاء المكاتب الصحفية التابعة لمنظمات الحزب
الشيوعي في المختلف من أرجاء العراق!
* في الواقع ذلك قاد وتدريجيا المزيد والمزيد من
العاملين في مديرية السينما والمسرح والفنون الشعبية, ومن مختلف الأقسام ومن
الجنسين, للتعامل دون حرج مع داعيكم علنا وبمنتهى الود, ..و...للعلم
جميع من يعرفون العبد لله عن قرب, يعلمون تماما المتميز من قدرة داعيكم, على كسب
ود الناس, ومهما كان مستواهم الثقافي, أو ما يملكون من محدود الوعي, ولا سبب
صدقوني غير تعود التعامل بمنتهى الحب مع الجديد من الناس, بعيدا عن المسبق من
الموقف, أو المشاع عنهم من سالب التصور, تاركا للملموس من التواصل أن يكشف مع
الأيام, ما إذا أن كان هذا البعض الذين أرتبط معهم وللمختلف من الأسباب بالجديد من
العلاقة,جديرون حقا بالود والاحترام, أو العكس تماما, ولا خيار عندي غير ذلك,حيث
لا أعرف ولا أجيد والله فن ممارسة ما يسمى الوسط من الموقف اجتماعيا, أقصد التعامل
مع الغير ما بين الود والاحتقار والعكس وتبعا للظروف, وتلك كانت ولا تزال في عرف
القردة من أصحاب المزدوج من المواقف, تعد نقيصة حد الكفر على الصعيد الاجتماعي!
** هذا العامل الشيوعي الباسل, لم
يتردد ولو لحظة واحدة يوم طلبت مساعدته في بداية وصول الحملة الهمجية ضد الشيوعيين
إلى بغداد, إيواء إحدى الرفيقات في منزله لغاية تأمين مكان أخر لاختفائها لاحقا,
وفعل ذلك رغم جميع المخاطر, ورغم عدم وجود صلة تنظيمية تربطه بشكل مباشر أو غير
مباشر مع العبد لله...و....هذا الجميل من الفعل, تكرر لاحقا من قبل إحدى فنانات الفرقة القومية
للمسرح, عند الحاجة إلى استعارة سيارتها, وفي ذات الفترة العصيبة من الزمن, بهدف
نقل رفيقة أخرى من مكان اختفائها لمكان أخر, وهناك صدقا الكثير من جميل هذه المواقف, سواء قبل الاختفاء عن
الأنظار أو بعد المباشرة بالعمل السري ولغاية أواخر عام 1979 (تاريخ الهروب من العراق) والتي تستحق بدورها التوقف عندها ذات
اليوم, وبما ينطوي بالفعل على ما يتجاوز مجرد فعل السريع من الإشادة
والتقدير!
***في الواقع ما كان هناك في قسم السينما وعلى
طول الرواق المحاذي ليمين قسم أرشيف الأفلام الطويلة, سوى أثنين من (الجلاب) أحدهم
كان المصور السينمائي الخاص بصدام, والثاني ممثل فاشل, رغم كثرة ما كان متاحا
أمامه بالذات من فرص للتمثيل باعتباره من معروف العفلقيين في الوسط الفني !
**** قبل أيام معدودة من هذا اللقاء
مع المعلة, أرتكب ما أدري منو في (الفكر الجديد) حماقة نشر أسمي الصريح, في ختام
ما كتبت من النص, في معرض رثاء رحيل الفنان الرائع فاروق فياض, ...و...على ذكر الراحل فياض, لا أدري لماذا لا يجري من قبل أهل الفن التذكير بهذا الفنان الرائع, وغيره
ممن رحلوا عن الدنيا, بكل ما قدموه من متميز العطاء في المختلف من ميادين العمل
الفني, وبما يفيد توثيق نتاجاتهم وإعمالهم ووضعها تحت تصرف الجيل الجديد من أهل
المسرح والتلفزيون, في حين جرى ويجري وعلى نحو يبعث على القرف لفرط المبالغة,
تسليط الضوء عند رحيل من كانت مواهبهم أقل من القليل, وجرى وعمليا طمرها بعد أن
باتوا وتدريجيا بعضا من فرسان التهريج في زمن ثقافة الزيتوني والمسدس!
***** عند العودة للمجلة تم الاتفاق على أن أمارس
من جديد نقد البرامج والأعمال التلفزيونية دون اشتراط الدوام في المجلة, وعلى
النحو الذي كان معتمدا قبل أن يغدو (.......) رئيسا للتحرير, ولكن بعد أسابيع
معدودة, جرى التراجع عن هذا الاتفاق, وبحيث بات المطلوب الدوام أريع ساعات,
ومباشرة بعد انتهاء العمل في مديرية السينما والمسرح, وذلك بهدف أن أتفرغ تماما
للكتابة فقط في المجلة, على حد تعبير رئيس التحرير, وكان
هذا الطلب إشارة لا تقبل الغلط, على أن السماح للعبد لله بالكتابة من جديد
في مجلة الإذاعة والتلفزيون, إنما كانت تستهدف تحقيق ذات الدنيء من الهدف: أن
يتوقف داعيكم عن المساهمة في الكتابة لطريق الشعب, وبالطبع ما كان عندي من الجواب
ودون تردد, غير القاطع من الرفض !
****** علمت لاحقا, ومن خلال أحد الأصدقاء
الذين واصلوا العمل في مديرية السينما والمسرح قبل اقتياده لجبهات الحرب في
الثمانينيات, أن هذا الشريف من الناس, ترك مركزه الوظيفي وكل ما يملك من
الامتيازات بذريعة الشديد من وطأة المرض, للخلاص من المشاركة في تنفيذ جريمة تخريب
العقول والنفوس في المجتمع العراقي, وبعد أن بات العمل في الميدان الفني والإعلامي
والتعليمي....الخ لا يتعدى حدود الترويج للسافل والهمجي من مفردات ثقافة الزيتوني
والمسدس!
******* من بين هذه
الوقائع على سبيل المثال لا الحصر, في أواسط عام
1977 أصدر لطيف الدليمي خليفة الصحاف
ومسؤول البقر في التنظيم الفلاحي لحزب العفالقة, قرارا قرقوشيا يقضي بنقل خدمات قائمة طويلة من الأسماء, سميت يوم ذاك
من قبل أنجاس العفالقة بقائمة (الشيوعيين والكحاب) ضمت أسماء أكثر من 400
موظف وموظفة ممن كانت تحوم حولهم شبهات عدم الولاء لقيادة (الحزب والثورة) وجرى نقلهم جميعا
للمختلف من الدوائر والمؤسسات الحكومية, وضمن ذلك مديرية السينما والمسرح والفنون
الشعبية, وكان من بين من شملهم قرار النقل العزيز من الصديق محمد فرادي ( رسام في
مجلة الإذاعة والتلفزيون) هذا على الرغم من أن الرجل وساعة إصدار هذا الجائر من
القرار, كان لا يزال يؤدي الخدمة الإلزامية في الجيش, بعد انتهاء دراسته
الجامعية!
******** لا أدري صدقا مبرر أو دافع هذا الاتهام,
ولكن أعرف تماما, أن هذا اللقاء مع عبد الأمير معلة, حدث مباشرة بعد أن شاع يوم
ذاك في المختلف من أقسام مديرية السينما والمسرح , خبر الصلة الاجتماعية, التي تربط العبد لله مع خطيب شقيقتي الشهيد
عامر سلطان, المحكوم بالإعدام بتهمة العمل مع الحزب الشيوعي, وذلك بعد أن تصادف
وجود فريق عمل لتصوير مشهد سينمائي عند مدخل مركز للشرطة في شارع النضال, ساعة
خروجي مع شقيقتي بعد اللقاء مع الشهيد الذي جرى نقله مساء ذاك اليوم من قاطع
الإعدام في أبو غريب واحتجازه في هذا المركز, بهدف تسهيل حضوره في اليوم التالي
للمحكمة للإدلاء بشهادته عن واقعة شجار
بين أثنين من زملائه الضباط أيام الخدمة في مدينة كركوك...و...كان من الممكن تماما, تبرير تصادف وجودي في هذا
المكان, وفي تلك الساعة تحديدا, بالقول أن ذاك يندرج في إطار عملي الوظيفي ويستهدف إعداد خبر صحفي عن هذا
العمل السينمائي, أو غير ذلك من مختلق التبرير, ولكن عوضا عن ذلك راح العبد لله,
ومن موقع الاعتزاز وحد التباهي, يتحدث عن كل ما يستوجب الحديث عن هذا الباسل من
الشهيد!