القبول مقابل الارتباك
والتردد
.....لماذا ؟!
في ختام الماضي من النص* كان السؤال : لماذا موقف
القيادة السياسية واتجاهات الرأي العام في إقليم كوردستان, من الاتفاقية الأمنية
مع الأمريكان, تتسم بكل هذا القدر من الوضوح وعلنا, أقصد لجهة القبول وعدم
الاعتراض, وبشكل يختلف كثيرا عن الموقف من هذه الاتفاقية في المناطق الأخرى من
العراق, وحيث لا يزال الضار من فعل الازدواجية يطبع وللمختلف من الدوافع, مواقف
أهل النفوذ السياسي, ويحكم وبهذا القدر أو ذاك من الوضوح, اتجاهات الرأي العام في
هذه المناطق, نتيجة سالب مفاعيل مواقف الارتباك والتردد والحيرة, التي تسود على
سطح العملية السياسية؟!
هناك من يعتقد أن موافقة أهل
إقليم كوردستان وبدون تردد على الاتفاقية الأمنية, وبكل هذا القدر من الحماس, على
العكس موقف أهل الباقي من مناطق العراق, لا ينطلق من مجرد باب رفض الازدواجية, أو من قبيل الحرص مبدئيا,
على التطابق ما بين القول والفعل, وإنما ومن حيث الأساس, بدافع الخشية من احتمالات
العودة من جديد, لمواجهة مخاطر فعل الحقد الشوفيني عسكريا, في ظل تصاعد هذا
المسعور من التحريض دعائيا ضد الكورد, وعلى نحو يتجاوز في زمن الفضائيات
والانترنيت, ما كان يسود من حيث الاتساع في ظل نظام العفالقة الشوفيني, خصوصا وأن
هذا المسعور شوفينيا من الحقد, يجري بالترافق مع المتزايد من شاذ وهجين مواقف
العداء ضد أهل كوردستان, وسط معظم من يمثلون سياسيا عرب العراق, بما في ذلك ضمن
أوساط واسعة من الرأي العام, الذي لا يزال وللأسف الشديد, محكوم بالسالب من بغيض
مشاعر التعصب والتفوق العنصري...الخ مفاعيل عار ثقافة الزيتوني والمسدس الشوفينية
والفاشية!
و.... بالمقابل هناك من يعتقد أن
حماس أهل إقليم كوردستان, للتوقيع ودون تأخير على الاتفاقية الأمنية, لابد وأن
ينطلق من حقيقة أن استمرار الوجود الأمريكي في العراق, يشكل الضمانة سياسيا
وعسكريا, لحماية أهل إقليم كوردستان, من مخاطر القائم دائما, من احتمالات التدخل
التركي, وعلى النحو الذي يتكرر وتعتمده الطغمة العسكرية في أنقرة, طورا بذريعة
كركوك وحماية التركمان, أو من خلال توظيف الوجود المسلح لحزب العمال
الكوردستاني...وغير ذلك من مفضوح الذرائع, وليس فقط للحد من المتزايد من تأثير
تجربة إقليم كوردستان على أهل كوردستان في الجانب الأخر من الحدود, وإنما كذلك
لمحاصرة الدور المتزايد فكريا وسياسيا للقوى الديمقراطية في تركيا, والتي تعمل
وبالضد تماما من إرادة الطغمة العسكرية, من أجل حل القضية الكوردية بالتوافق
وسلميا وبعيدا عن سطوة العسكر ومنطق القوة والحرب!
و...دعونا نفترض, مجرد نفترض, أن ما تقدم من الدافع,قد يكون
بالفعل في صلب وصميم حماس قيادة التحالف الكوردستاني واستعداد أهل إقليم كوردستان,
للتوقيع ودون تردد على الاتفاقية الأمنية مع الأمريكان, ولكن هل أن ذلك بالذات
وتحديدا, يشكل وبالفعل وحقا, الأساس والمنطلق لفهم دوافع الموقف الإيجابي من
الاتفاقية وسط أهل إقليم كوردستان؟!...و...بالعراقي الفصيح: هل ترى أن هذا الموقف
سيكون مختلفا تماما, في حال أن رب العباد, سلط فيضا من مطر النقاء, لتطهير نفوس
وعقول جميع أصحاب العكّل من وساخات الشوفينية, وساعد في ذات الوقت, أهل
الديمقراطية في تركيا, على شحن أركان الطغمة العسكرية, نحو مكانهم الطبيعي في
الوسخ من مجاري المستنقعات؟!**
وصدقا لا أسوق عامدا ما تقدم
من السؤال, من قبيل العبث أو البطر, وإنما من راسخ الاعتقاد, أن الجاد من البحث عن
المطلوب من الجواب, يفيد بتقديري كثيرا في قراءة الموقف الكوردستاني, انطلاقا من
رحاب الواقع وعلى نحو صائب, وبشكل لابد وبالضرورة أن يساعد في استيعاب وإدراك
حقيقة أن هذا الموقف الإيجابي من الاتفاقية الأمنية, وسط أهل إقليم كوردستان, ينطلق ومن حيث الأساس, من مستوى الوثيق
والمتقدم من العلاقة استراتيجيا, قبل وبعد سقوط حكم العفالقة, بين قيادة التحالف
الكوردستاني مع الحليف الأمريكي, وهي علاقة كانت ولا تزال تستند على دعم
ومساندة, الغالب العام من أهل إقليم
كوردستان , وباعتقادي الخاص, أن من يتجاهل ولا يرى هذا الواضح من الحقيقة, أو لا
يملك على الأقل, ما يكفي من الاستعداد, لفهم مفعول وتبعات هذه الحقيقة, يفترض أن
لا يمارس ما يعتقده وبمنتهى السذاجة, ضربا من التحليل السياسي!
و...أكرر مهما كان موقف المرء, سالبا من
الاحتلال والإمبريالية والاتفاقية الأمنية, ذلك يفترض أن لا يمنع وبالخصوص عند
ممارسة فعل التحليل السياسي, دون قراءة مفاعيل وتبعات هذا التحالف استراتيجيا بين
القيادة السياسية الكوردستانية مع صناع القرار الأمريكي, والذي يتوطد باستمرار
بحكم المشترك من المصلحة والمتبادل من المنفعة والمفيد من النتائج على صعيد
التعاون في المختلف من المجالات, وعلى النحو الذي يتجسد عمليا, في هذا التوافق
والانسجام على صعيد المواقف بصدد الكثير مما جرى ويجري من عاصف التطورات في العراق
منذ نيسان عام 2003 وبحيث يمكن القول ودون تردد, أن هذا الوثيق والاستراتيجي من
العلاقة بين قيادة التحالف الكوردستاني مع الولايات المتحدة الأمريكية, قابل
للتطور وعلى نحو من الصعب تحديد مداه راهنا, خصوصا وبالذات, وذلك عندي هو الأساس,
أن هذه العلاقة الاستراتيجية ما كان يمكن أن تبلغ كل هذا القدر من المتانة
والمناعة, بدون وجود ما يدعمها وعلى
نطاق واسع, على صعيد اتجاهات الرأي العام الكوردستاني!
و...عمليا وبتقديري الخاص أن هذه
العلاقة الاستراتيجية على المستوى الرسمي والشعبي مع الأمريكان, لا تسند فقط على المشترك
من المصلحة والمتبادل من المنفعة*** وإنما قبل هذا وذاك, من حقيقة أن شكل
التعامل بين الطرفين ينطلق ودون مبالغة, من موقع الند, بحكم أن صناع القرار
الأمريكي, في الحزب الجمهوري كما الديمقراطي, يتعاملون مع القيادة الكوردستانية,
باعتبارها تمثل وعمليا, كيانا قائما بذاته سياسيا واقتصاديا وثقافيا وإداريا,
ومشروع دولة في طور انتظار قرار الإعلان, ليس انطلاقا من الرغبة بالانفصال عن
العراق, ولا حتى من مشروع الحق في تقرير المصير, وإنما بحكم أن مستوى وطبيعة
المتقدم والمتميز من التجربة الديمقراطية,**** في هذا الجزء من الوطن
الكوردستاني, ورغم جميع النواقص والجاد من كثير الثغرات,في موقع المختلف كثيرا عن
واقع حال الكسيح من التجربة الديمقراطية, في الباقي من مناطق العراق الأخرى, وفي
موقع المتقدم والمتطور جدا, بالمقارنة مع المرير من واقع حال الديمقراطية في معظم
دول الجوار, وما يسود من همجي القمع فاشيا في ظل أنظمة عار عروبة ....يا عروبة!
بالعراقي الفصيح: وعلى ضوء كل ما تقدم من
المعطيات, يمكن القول ودون تردد, أن موافقة أهل إقليم كوردستان, على المستوى
الرسمي, وعلى صعيد اتجاهات الرأي العام, لا ينطلق ومن حيث الأساس, أكرر من حيث
الأساس,من دافع الخشية من مسعور الحقد الشوفيني وسط عرب العراق وغير العراق, ولا
من مخاطر التدخل التركي, وإنما باعتبار أن هذه الموافقة تمثل وعمليا, تحصيل حاصل,
بحكم الوثيق من متقدم التحالف والمصلحة المشتركة, وبحيث أن عملية التمهيد لترجمة
بعض بنود هذه الاتفاقية عمليا, ومن بين ذلك بناء إحدى القواعد العسكرية الأمريكية,
تجري وعلنا ومنذ شهور طويلة,تحت سمع وبصر وعدم اعتراض, أهل القول والفصل بعد سلطان
الاحتلال, في المناطق الأخرى من العراق!
السؤال : هل أن ما تقدم عن الوضع العام
في إقليم كوردستان, سياسيا واقتصاديا وثقافيا وإداريا وفي ظل المتميز من التجربة ديمقراطيا, وطبيعة السائد من مشاعر
الامتنان والصداقة بين أهل إقليم كوردستان مع الأمريكان,ومستوى وشكل التعامل بين قيادة التحالف الكوردستاني
والحليف الأمريكي من موقع الند والمتبادل من المنفعة, هو ذات ما يسود واقع الحال
في المناطق الأخرى من العراق, أن كان على مستوى أهل النفوذ السياسي أو على صعيد
اتجاهات الرأي العام؟!
ما تقدم من السؤال دعوة جديدة,
لتنشيط الذهن بحثا عن المناسب من الجواب, أو على الأقل فهم دوافع هذا المقرف من فعل الازدواجية,
الذي يحكم مواقف ولاة الأمر بعد سلطان الاحتلال,خارج حدود إقليم كوردستان, وبحيث
تراهم يتنافسون علنا وأمام عدسات التصوير على رفض الاتفاقية بالروح ....بالدم, وخلف
الكواليس يملكون والله جميعا, ولا أستثني منهم أحدا, ذات القدر من الاستعداد,
للتوقيع على الاتفاقية, باعتبارهم وافقوا ضمنا على الأساس من محاور هذه الاتفاقية,
يوم بصموا على ما سمي قبل عام من الزمن, المبادئ الأساسية, لتنظيم العلاقة
إستراتيجيا ما بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية!
* طالع الماضي من النص في
العنوان التالي : www.alhakeka.org/653.html
** هذا حتى لا أقول, أن من السخف. منتهى
السخف, مجرد التصور أن أيتام النظام المقبور بالعار, وسائر جحافل أهل الشوفينية
وسط عرب العراق, بمقدورهم ومهما وحدوا المشين من حقدهم ضد الكورد, تكرار البشع
والهمجي من فعل سيدهم السفاح ضد أهل كوردستان, وواقع الحال في تركيا راهنا, يقود
عمليا للتعاون مع أهل إقليم كوردستان, وعلى نحو يمكن أن يتجاوز كل التوقعات وخلال
المنظور من الزمن, وذلك بفعل المتميز حقا من شكل إدارة القيادة الكوردستانية للصعب
والمعقد من الصراع مع الطغمة العسكرية في أنقرة, وبفضل الواقعي من نهج الحزب
الحاكم هناك, والمتزايد من دور القوى الديمقراطية, وتطلع المزيد من أبناء المختلف
من الشعوب في تركيا صوب الاتحاد مع أوربا!
*** أقصد بشكل خاص الإيجابي من تأثير مشاعر الامتنان
وسط أهل إقليم كوردستان, لنجاح الولايات المتحدة الأمريكية, في إصدار قرار وضع
مناطق الإقليم تحت حماية المجتمع الدولي, والذي كان وكما هو معروف, من بين الأساس,
لتعزيز أواصر التحالف الاستراتيجي بين قيادة التحالف الكوردستاني, مع صناع القرار
الأمريكي, وبغض النظر عن من يحتل البيت الأبيض, أو من يقود رسميا, عملية تنفيذ
المخططات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية, في هذا الجزء الحيوي من
العالم!
**** وعلى سبيل الملموس من المثال,
أهل هذا المجتمع المدني في إقليم كوردستان, والمحكوم بتجربة ديمقراطية تتوطد
باستمرار, بالاستناد على دستور متقدم حضاريا, لا يمكن ومن المستحيل أن يقبلوا
بعودة عسكرة المجتمع, أو تبذير الثروات لتعزيز القدرات الهجومية للجيش, وعلى النحو
الذي كان يسود في ظل حكم العفالقة الفاشي, أو يوافقون على إعادة كبار ضابط
العفالقة للجيش, وهم الذين كانوا لا يعرفون والله من فنون القتال, غير ممارسة عار
الهمجي من الفعل, ضد الكورد وشيعة علي, وشعوب المجاور من الدول!