في مطلع عام 1974 وبعد مرور أقل من
خمسة شهور, على قيام ( الجبهة الوطنية التقدمية) بين العفالقة والحزب الشيوعي, قرر
الطاغية الصغير محمد سعيد الصحاف وفجأة, وضع العديد من الزملاء في مجلة الإذاعة والتلفزيون,
ممن كانوا يعملون بأجور مقطوعة شهريا أو وفق نظام
القطعة, وبالذات من باشر منهم العمل والنشر بالصريح من الاسم في (طريق الشعب) بعد
صدورها علنا في أيلول عام 1973 أمام خيار واحد
ووحيد: التوقف عن العمل والنشر في صحيفة الحزب الشيوعي العراقي, مقابل توظيفهم على
ملاك الإذاعة والتلفزيون, وفي حال رفضهم الخضوع لهذا الجائر من الطلب, يجري حضر
نشر نصوصهم نهائيا في المجلة, وحرمانهم بالتالي مما كانوا يتقاضون من الأجور! و....من الغباء, منتهى الغباء,
التصور أن الصحاف, ومهما كان يملك من واسع الصلاحيات والنفوذ في تلك الفترة من
الزمن, كان بمقدوره عمليا, اتخاذ هذا الجائر من القرار, بدون الحصول أولا وسلفا
على المطلوب من موافقة قيادة حزب العفالقة, ...و....أقول ذلك, نظرا لان اعتماد هذا الضرب من
مرفوض السلوك وعلنا, ضد العديد من الصحفيين الشيوعيين وأصدقاءهم, كان يتعارض مع
السائد من أجواء الانفتاح الإيجابية, على الصعيد السياسي العام, وبالضد تماما مع
ما كان شائعا يوم ذاك, من مشروع الطموح والتمني لتطوير المتحقق من الإيجاب,
باتجاه المباشرة في العمل نحو إشاعة
مبدأ التعددية في الحياة السياسية ديمقراطيا, وبعيدا عن سالفة الحزب القائد
..و...و...و.....الخ مفردات ما كان يسود من أوهام التمني وسط الشيوعيين, وبكل ما كانوا يملكون آنذاك, من واسع
النفوذ سياسيا بين أهل العراق!* وللتأكيد على ما تقدم, بمقدوري
القول وبمنظور ما توضح لاحقا وسريعا, أن إقدام الصحاف (أقرا العفالقة) على هذا المفضوح من صريح العداء ضد صحيفة (
طريق الشعب) وهي لسان حال الحزب الشيوعي الحليف, كان خطوة مقصودة وذات طابع سياسي
واضح,** وكشفت ومبكرا عن
الدنيء من دوافع العفالقة, للقبول بالتحالف مع عدوهم الأساس فكريا, أقصد هدف توظيف (التحالف) منطلقا للعمل من أجل تحويل
حزب الشيوعيين, إلى مجرد ملحق لحزب العفالقة, وبحيث لا يملك من مستقل الموقف, سوى
حق تكرار الإشادة وتمجيد إنجازات (قيادة الحزب والثورة) ...الخ ما توضح همجيا, بعد
أقل من خمسة أعوام, وعلى نحو لا يحتمل اليوم قطعا, المختلف من القراءة, أو يحتاج
للكثير من النقاش والجدل! هذا الجائر من القرار, وبعد أقل من خمسة
شهور على إقامة ( الجبهة الوطنية التقدمية) والذي كان أول
إشارة واضحة وصريحة, للمصير الأسود الذي ينتظر هذا المصطنع من الجبهة, تحول لفضيحة
من العيار الثقيل, للصحاف وفي الواقع للعفالقة, ليس فقط لان جميع الزملاء اختاروا
وبدون استثناء, رفض الخضوع لما أراده هذا الصغير من الطاغية, وإنما بعد أن تحول
الصحاف لمصدر تصنيف وسخرية وعلنا, وذلك بعد أن توقف عند
عن هذا الدنيء من فعل العفالقة, وبالصريح من العبارة, الشهيد شمران الياسري (أبو
كاطع ) يوم كتب رائعته الشهيرة ( الهافي والمتعافي), هذا النص الذي لا يساورني شخصيا أدنى شك, من أن محتواه
العام بالذات, كان من بين متقدم الأسباب التي دفعت قيادة حزب العفالقة لاحقا,
إبلاغ ( أقرأ تهديد) الحزب الشيوعي العراقي, بضرورة منع أبو كاطع ونهائيا من
الكتابة على صفحات طريق الشعب وإلا.......!! *** و.... صدقا كنت أتصور, وأكيد لفرط السذاجة أو البلاهة,أن هذا الذي حدث من
دنيء فعل العفالقة, ضد العديد من الزملاء ولمجرد ممارستهم المشروع من الحق في
الكتابة على صفحات ( طريق الشعب), لا يمكن تكراره ضد العبد لله, وبعد الوجيز كلش
زمنيا, من تعرض الصحاف للتصنيف والسخرية علنا, وعلى نحو ما كان يعتقده ممكن الحدوث
مطلقا, باعتباره كان يوم ذاك في موقع (الدبس والدهن والراشي) مع من كان يمارس
عمليا دور طاغية العراق, تحت قناع ( السيد النائب) ...و...أقول
ما كنت أتوقع ذلك أبدا, بحكم أن داعيكم كان أولا وقبل كل شيء, موظف ولا يعمل وفق
نظام القطعة, ويحرص في ذات الوقت, على عدم تذيل ما يكتب في طريق الشعب, إلا
بالمستعار من الأسماء, وحتى دون الحاجة خلال تلك الفترة, للتردد على مبنى الجريدة,
من خلال إرسال المقسوم من المواد, عن طريق غير مباشر أولا, ولاحقا بمنتهى السهولة,
بعد أن باشرت إحدى شقيقاتي العمل في أرشيف طريق الشعب ....و....لكن؟! بعد أقل من ثلاثة شهور, على دنيء فعل
الصحاف ضد الصحفيين من أهل اليسار, حدث للعبد لله وتحديدا في نيسان عام 1974
ما هو أسوء بكثير مما
حدث للباقي من الزملاء, وأقول أسوء بكثير, نظرا لان هولاء الزملاء كانوا يملكون
حرية اتخاذ المناسب من القرار, وبمقدورهم بالفعل وعمليا, ممارسة فعل الاختيار, أقصد
الاختيار ما بين مواصلة الكتابة في مجلة الإذاعة والتلفزيون مع مغريات توظيفهم ,أو
التفرغ تماما للعمل في (طريق الشعب) بمنتهى البساطة وعلى النحو الذي حدث بالفعل,
هذا على العكس تماما, من وضع داعيكم, عند حلول ساعة اتخاذ القرار, حيث كان من
المستحيل ممارسة فعل الاختيار, بحكم أن ترك العمل الوظيفي بدون الحصول أولا على
الموافقة الرسمية, كان ووفقا للسائد من القوانين القرقوشية عفليقا, يعد جريمة
تستوجب الشديد من العقاب, بما في ذلك خصوصا وبالذات, تحويل
الأمر إلى مديرية الأمن العامة, لمتابعة الموضوع, في حال رفض الموظف بعد
التبليغ, الحضور طوعا لممارسة عمله الوظيفي.....و....عندكم الحساب!**** و.....بدون مقدمات ولا هم يحزنون, في مطلع نيسان عام 1974
جرى تكليف العبد لله, أو بالأحرى, مطالبته وبالواضح والصريح من الأمر, كتابة مادة
مناسبة للعدد الخاص من المجلة, والذي تقرر تكريسه بالكامل وللمرة الأولى, للاحتفاء بذكرى ولادة حزب العفالقة, وكان الجواب وبدون تردد هو القاطع من الرفض, وكفيلكم
الله وعباده, حتى دون الحاجة لممارسة عناء التفكير, ...و....بالطبع
من السهل تماما اليوم, الزعم أن ذلك كان ينطلق, من عدم قناعتي بنهج التحالف, أو
حتى ممارسة دور البطل والشجاع, الذي لا يخاف ولا يخشى من ممارسة فعل تحدي جبروت سلطة
العفالقة وحزبهم القائد ...الخ ما أدري شنو بعد, من تخريجات الإشادة وتمجيد الذات,
التي باتت شائعة للغاية بعد سقوط حكم السفاح, وبحيث بات يرددها شعيط ومعيط ممن
كانوا يمارسون عار المطبق من الصمت, وكذلك حتى الكثير من الأرذل, وسط السافل من فرسان الترويج لثقافة الزيتوني
والمسدس ...و... لكن؟! * في الواقع وعمليا, في تلك
الحقبة من الزمن, كان لا يوجد هناك من يعادي الشيوعيين من موقع الحقد والكراهية,
غير العفالقة ( وأن تظاهروا بغير ذلك) وسواهم من غلاة التعصب القومجي عروبجيا,
فضلا عن الجاهل والمتخلف من وعاظ السلاطين,
وسط الباقي من أهل ظلام كهوف القرون الوسطى! ** لا أدري أو في الواقع لا
أتذكر اليوم تحديدا, تفاصيل ما شاع يوم ذاك عن لسان الصحاف بعد إصدار هذا الجائر
من القرار, أقصد ترديده لشعار ( ماكو جبهة بالإعلام) ولكن شخصيا أعتقد وبمنظور هذه
الأيام, أن تنفيذ هذا القرار آنذاك
وانطلاقا أولا من مملكة الإذاعة والتلفزيون , ربما كان بالفعل, عملية جس نبض,
تستهدف الوقوف, على مدى إمكانية توسيع نطاق حضر نشاط وعمل الشيوعيين, ليشمل بعد
المؤسسة العسكرية ميدان الإعلام! *** للأسف الشديد هذا المباشر من
التهديد, حقق المطلوب من المراد, يوم جرى ومن موقع الغصب والاضطرار,
اتخاذ قرار إبعاد شمران الياسري إلى خارج العراق, أواسط أو أواخر عام 1975 على ما أتذكر, وذلك
نظرا لعدم قدرة الحزب الشيوعي عمليا, ضمان حياته من خطر تصفيته جسديا, من قبل
أجهزة قمع ( قيادة الحزب والثورة) بعد أن بات ما يكتب هذا الباسل من الشيوعي, مصدر
قلق دائم لما يسمى (قيادة الحزب
والثورة) ورغم كل ما كان يملك نظام العفالقة من الجبروت وسطوة النفوذ, خصوصا وأن تعليقات
أبو كاطع بالذات, كانت تعد الأكثر تميزا من بين المنشور في طريق الشعب, في سياق التعبير
عن هموم وتطلعات جميع المحرومين والكادحين من الناس في العراق...و...صدقا ولغاية الساعة أجهل
مبررات عدم الاستمرار في نشر هذه التعليقات, حتى بعد أن بات أبو كاطع في الحفظ
والصون, وتحت حماية الشقيق أمميا من الرفاق في الخارج, وأتمنى شخصيا أن يبادر الرفيق جاسم الحلوائي أو سواه ممن كانوا
يوم ذاك, في موقع قيادة الحزب, وفي سياق ما يكتبون عن تلك المرحلة من الزمن,
التوقف بشيء من مفيد التفصيل, عند أسباب ووقائع ما رافق عملية إبعاد أبو كاطع
لخارج العراق, للكشف أولا وقبل كل شيء, عن مدى سفالة ما كان يسمى ( قيادة الحزب
الحليف) وضمنا تبيان مدى هوان أو تهاون, مواقف من كانوا يمارسون مهمة الدفاع عن
استمرار التحالف, ومهما كان الثمن, على أمل أن يتحول الشقاوة صدام إلى كاسترو,
وبحيث يغدو الطريق مفتوح الساقين, للمضي مع العفالقة ويدا بيد صوب
الاشتراكية! **** سوف أعود مستقبلا للحديث بشيء
من التفصيل, عن عنيد النضال وبكل معنى الكلمة, من أجل تأمين الموافقة رسميا على
المتكرر من طلبات الاستقالة, وذلك بهدف التفرغ تماما للعمل في طريق الشعب, وبالذات وتحديدا منذ أن تعرض العبد لله
للجائر من العقوبة في نيسان عام 1974 ولغاية تموز عام 1978 وقبل شهور معدودة من الاختفاء تماما عن الأنظار, وهذه المحاولة
الأخيرة, كانت بالفعل وحقا وبمنظور
الحاضر من الأيام, ضربا نادرا من فعل الحماقة! طالع القسم الأول في العنوان
التالي: www.alhakeka.org/621.html
سمير سالم داود الثالث من حزيران 2008