هل سيمضي حزب الله على درب شمشون ؟!

 

أدري وأعرف تماما, أن سؤال عنوان هذه السطور, ينطوي على قدر غير قليل ,من الاستفزاز وتحديدا في صفوف من يعتقدون, أن القول وبشكل مبكر, بهزيمة حزب الله, تشكل ضربا من الاستعجال في التوقع, ولكن مع ذلك, لا املك سوى, تعمد طرح هذا السؤال, بوعي مقصود, ومع سبق الإصرار والترصد, لان ذلك بتقديري, هو الصائب من السبيل, للمباشرة في الحديث ودون تأخير, ليس فقط عن سبل خروج حزب الله من هذا المأزق الخطير, وإنما حول كيف يمكن لقوى الإسلام السياسي وسط شيعة علي في العراق, والتي تساند بقوة حزب الله, تفادي الوقوع في غلط, أو بالأحرى خطيئة قيادة حزب الله في لبنان؟!

وصدقوني أدري أن الغالب العام, ممن يمارسون فعل الكتابة, في إطار التعبير بهذا القدر أو ذاك , عن مواقف قوى الإسلام السياسي, وسط شيعة علي في العراق, أو لعكس ما يسود من الاتجاه العام, وسط جماهير المتدينين من شيعة علي, يعتقدون أن من السابق للأوان كلش, استخلاص الدروس والعبر, مما يجري اليوم في لبنان, نظرا لان المعركة بين حزب الله وإسرائيل, ووفق اعتقادهم, لإنزال في بداياتها, وجميع الاحتمالات واردة, وماكو داعي للقول, أن سالفة الاحتمالات, تعني عندهم فقط لا غير, حتمية انتصار حزب الله بعد أن ( كشفت حرب لبنان مرة أخرى أن السيد حسن نصرالله حفظه الله ونصره، زعيم بات يمتلك "طوعا أم كرها" قرار الحرب والسلم في المنطقة ، على الأقل في لبنان ،بغض النظر عن مواقف الآخرين ....وأن نصرالله.. بات صاحب القرار الاول على مستوى لبنان. وهو طرف الحرب الوحيد مع اسرائيل، وطرف التفاوض الوحيد معها ايضا، مهما كانت طبيعة الوسطاء بين الجانبين) الخ هذه الأوهام أو دعونا نقول التمنيات, التي يجري تكرارها وبحماس مثير للشفقة هذه الأيام, في الكثير من المواقع العراقية على شبكة الانترنيت!* 

و........لا أريد تكرار, ما سبق وجرى نشره في إطار هذه القراءة الخاصة, لما يجري اليوم في لبنان,** وبالتحديد عن السائد من موازين القوى, على الصعيد اللبناني والعربي والإقليمي والدولي, وعلى نحو سوف يقود عمليا, والعباس أبو فاضل, لتحقيق ما ظل, ولا يزال حزب الله يرفض بإصرار تنفيذه, وبالتحديد الرضوخ لقرار انتشار قوات الجيش اللبناني, على الحدود المحاذية لدولة إسرائيل, ليس فقط بسبب اختلال موازين القوى, وإنما لعدم قدرة حزب الله, ولوحده الاستمرار إلى ما لانهاية, في مواجهة حرب العقاب الجماعي, التي تعتمدها إسرائيل اليوم في لبنان وبشكل همجي! و......لكن مع ذلك ورغم كل ما تقدم,دعونا نشاطر من يعتقدون, ولفرط السذاجة بالتأكيد, أن النصر, لابد وحتما وأن يكون في النهاية حليف حزب الله, للسؤال : ما هي عوامل ومقومات تحقيق هذا النصر ؟!

هل كانت هناك, أو هناك اليوم, إجماع, أو حتى شبه إجماع, على الصعيد اللبناني, على المستوى الشعبي والبرلماني والسياسي والرسمي, على خوض هذه الحرب, وفي هذا الوقت بالذات؟! هل كانت هناك أو هناك اليوم, إجماع, أو شبه إجماع على الصعيد العربي, شعبيا ورسميا, على دعم قرار حزب الله, إشعال فتيل هذه الحرب, وضمن السائد من التوازنات راهنا في منطقة الشرق الأوسط, وتحديدا بعد سقوط نظام صدام العفالقة في العراق؟! هل كانت هناك أو هناك اليوم, إجماع, أو شبه إجماع دولي, على دعم موقف وخطوة حزب الله  (عملية الخطف) بهدف إطلاق سراح الأسرى من السجون الإسرائيلية؟!

صدقوني المرء لا يحتاج, حتى للقليل من عناء التفكير, للبحث عن المطلوب من الرد, لان جواب كل ما تقدم من السؤال معروف تماما,  وفي هذه الحالة لا يبقى هناك, سوى احتمال أن حزب الله, عند التخطيط لعملية الخطف ومنذ خمسة شهور ( وفقا لتصريحات حسن نصر الله) كان ينطلق إذن, من الاعتماد على الذات أولا, وبالتحديد بعد أن حصل على المطلوب من الصواريخ, التي تمكنه من قصف المدن الإسرائيلية, في حال قيام إسرائيل بالهجوم على لبنان, عند نجاح عملية الخطف, فضلا عن الاعتقاد وبشكل راسخ, أن ( الربع) في طهران ودمشق سوف يقومون بالواجب المطلوب, إذا الأمور ( أنلاصت فدنوب) ....الخ مفردات هذا النمط الساذج من التفكير والتخطيط, والذي قاد حزب الله, للوقوع عمياوي في الخطيئة, وعلى النحو الذي, يدفع ليس حزب الله فقط, وإنما شعب لبنان, تبعاته الكارثية هذه الأيام!

و......مع ذلك, ومن جديد, دعونا نفترض, مجرد نفترض, صواب ما يردده جماعة ( النصر مضمون) من (أن حزب الله بمقدوره الاستمرار في قصف المدن الإسرائيلية, لغاية رضوخ العدو  الصهيوني,  والمباشرة في التفاوض لإطلاق سراح الجنديين مقابل جميع الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين) ....الخ ما يكاد أن يكون الأساس, في توهم إمكانية, تحقيق النصر المؤزر على العدو .... الذي...والذي راح هذه المرة يطيح حظه فدنوب!

السؤال :....ثم ماذا؟!

هل هناك  حقا, من يجهل أن البنية الأساسية في المجتمع الإسرائيلي, وبحكم استمرار الصراع مع الفلسطينيين والدول العربية, ومنذ أكثر من نصف قرن من الزمن, تقوم على الجاهزية العسكرية, بمعنى الاستعداد دائما لمواجهة أسوء الاحتمالات, وفي ظل نظام خاص للتعبئة العسكرية, يجعل جميع من يملكون القدرة على استخدام السلاح, أو المساعدة للعمل في حالات الطوارى,جاهز للخدمة في غضون ساعات معدودة, و....صحيح للغاية أن ذلك لا يحول دون انتشار الخوف والذعر بين صفوف الإسرائيليين, كما هو حال سائر بني البشر, ولكن مقارنة واقع الحال, بمدى الاستعداد في لبنان ( أو في الواقع جميع المجاور من الدول) يجعل من تأثير هذه الصواريخ, محدودا للغاية, هذا على افتراض قدرة حزب الله, على الاستمرار في قصف المدن الإسرائيلية, وهو افتراض لا يستند للواقع, إلا إذا كان هناك من يعتقد, أن جميع الغارات على مواقع وتحصينات حزب الله, طوال الأيام الماضية, لم تتمكن من إلحاق الضرر بالموجود في مخازن حزب الله من الصواريخ الإيرانية والسورية, خصوصا وأن الطائرات الإسرائيلية, نجحت ليس في قصف الكثير من مواقع حزب الله, وإنما قصف حتى بيوت قادة الحزب, الواحد بعد الأخر, وسط ما يتردد من المعلومات, عن اكتشاف أكثر من شبكة مخابراتية, تعمل لحساب الموساد, في بعض مدن الجنوب, وحتى في معقل حزب الله الرئيسي, في الضاحية الجنوبية من بيروت !

إذا كان وكما ثبت عمليا, أن سلاح قصف المدن الإسرائيلية عاجز عن إرغام إسرائيل, على الرضوخ, وبحيث صرح رئيس حكومتها اليوم, وأمام وزير خارجية ماما أمريكا, الاستمرار في الهجوم ضد لبنان, لغاية إبعاد قوات حزب الله عن الحدود,, وتولي الجيش اللبناني وبمساعدة من قوات حلف الأطلسي, مسؤولية الحفاظ على استقرار منطقة الحدود المشتركة, لا يبقى هناك عند حزب الله من السلاح, لمواجهة ما تقدم,سوى الاعتماد على قيام إيران وسوريا, بما يفترض من الواجب, على صعيد الملموس من الفعل والتحرك, لمنع وقوع, ما يمكن أن يؤدي, إلى إلحاق, ما هو أكثر ضرر بحزب الله, من مجرد الهزيمة العسكرية! 

بتقديري حين يتعلق الأمر بالمصالح الوطنية للجمهورية الإسلامية, الطبقة الحاكمة في إيران لا يعوزها ( الذكاء) من أجل إدراك, أن تحركها, لدعم حزب الله, خارج إطار المسموح, ضمن السائد من موازين القوى راهنا, سيكون بمثابة ( هدية) لا تقدر بثمن, لتنفيذ ما ظل منذ شهور في خانة الانتظار, وللمباشرة عمليا في مهاجمة ( قاعدة الشر) من قبل  (الشيطان الأكبر) وعصاها الغليضة  (إسرائيل)........وبالتالي ( نحن سوف لا نتدخل في هذه الحرب) كما صرح وبالحرف الواحد وزير الخارجية الإيراني.... و........قدر تعلق الأمر بنظام عفالقة الشام, صدقوني هذا النظام, إذا لم يوظف ما يجري في لبنان, للمساومة مع الأمريكان, هذا إذا لم يكن قد ساومهم فعلا لغاية اليوم, يظل كما كان دائما, في موقع العاجز عسكريا وسياسيا على أن (يلعب بذيله) بدليل عدم إطلاق ولو رصاصة واحدة لتحرير المحتل من الأرض في الجولان, ولمعلوماتكم إذا كان عفالقة العراق, تمكنوا من الصمود عشرين يوم, قبل أن يسرعوا للاستسلام بطركّ اللبسان, فأن عفالقة سوريا, لا يملكون وكفيلكم الله وعباده, من القدرة على الصمود, سوى جم يوم, قبل أن يسرعوا بدورهم للاستسلام, ولكن عرايا مرايآ, لان العفلقي السوري, كما هو معروف, جاهز تماما مثل أبو تبارك, ومتعود بالتالي على الحياة بدون لباس ههههههههه***

ترى ما هو السبيل المتاح إذن, أمام حزب لله للخلاص من هذا المأزق الخطير؟!

بتقديري الخاص, المطلوب, ودون تأخير, إعلان وقف إطلاق النار ومن جانب واحد, ودون شروط مسبقة, مع تسليم الجنديين الإسرائيليين للحكومة اللبنانية, وتفويض رئيس البرلمان نبيه بري, التفاوض مع مختلف الأطراف السياسية, على الصعيد المحلي والعربي والدولي, بما يساعد على الخروج من هذا المأزق, بأقل ما يمكن من الخسائر, وبشكل لا يؤثر كثيرا, على دور وحقوق شيعة علي, ضمن السائد والمعروف من التقسيم, على صعيد الحياة السياسية في لبنان!    

بالعراقي الفصيح: عدم التمادي بالغلط, عدم تحميل شعب لبنان المزيد من الموت والدمار, ذلك هو الممكن والمتاح من الانتصار أمام حزب الله, وذلك باعتقادي, هو الصواب من السبيل, ضمن حكم السائد من موازين القوى محليا وعربيا ودوليا,إلا إذا كانت قيادة حزب الله, وفي سبيل الخلاص من هذا المأزق الخطير, تخطط إلى ما هو أسوء بكثير من خطيئة عملية الخطف, وذلك باعتماد منطق شمشون ( عليّ وعلى أعدائي)  بما يؤدي إلى تفجير الوضع الداخلي في لبنان, وفي بيروت تحديدا, من خلال مهاجمة مناطق تواجد الطائفة الأخرى في بيروت الغربية, والتي تعد كما هو معروف, مركز نفوذ القوى السياسية والدينية, التي تساند سعد الحريري, والذي يتحرك وبشكل فعال على الصعيد المحلي والعربي والدولي, بما يتناسب وينسجم تماما, مع موقف المحور العربي,الذي تقوده السعودية, والتي وكفيلكم الله وعباده, تكاد أن ترسل العدد والمدد, لدعم حرب, من كان ولغاية الأمس القريب, لا يرد ذكره في أجهزة عهر الدعاية لحكام بني القعاع, إلا مقرونا بالشتيمة وحتى الكفر, ومازالت طرية في الأذهان, فتايا وعاظهم الأوغاد, التي تدعو إلى إبادة اليهود,  وإلقاء من يبقى منهم, على قيد الحياة في البحر!      

و....صدقوني أتعمد التوقف بكل هذا القدر من التفصيل, للتحذير وبعالي الصوت, من مخاطر تكرار خطيئة حزب الله في العراق, وبالتحديد راهنا خطيئة التحضير لما يسمى المسيرة المليونية صوب سامراء, والتي في حال تنفيذها فعلا, ستكون بتقديري ساعة الصفر, لإشعال الحرب الطائفية, على نحو أخطر مليون مرة, من الجاري راهنا, أو لفرض دكتاتورية السلطة المركزية من جديد, و.... شخصيا أعتقد أن القوات الأمريكية والوحدات العسكرية الخاصة, في صفوف الجيش العراقي والحرس الوطني, والتي ترتبط مباشرة بوالي العراق ( خليل لقلق زاده) بمقدورها التدخل وسريعا , لوقف تداعيات المسيرة المليونية, بكل المعروف وسلفا عن عواقبها الوخيمة للغاية, وذلك من خلال استخدام القوة, لفرض ما يسمى ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني, ومن يعتقدون أن الأمريكان, ما عندهم من الخيارات, غير علاوي البعث, إنما والله يرتكبون حماقة الوقوع, في غلط التقدير ومو شلون ما جان! 

سمير سالم داود  25   تموز 2006

alhkeka@hotmail.com

* هل ترى أن من يرددون هذه الأوهام, لا يدركون أو يجهلون حقا, حجم ومضار إشاعة الوهم بانتصار, لا يمكن, ومن المستحيل أن يتحقق ضمن السائد من موازين القوى؟! أو هل تراهم لا يعرفون, ماذا يمكن أن ينجم ويتولد, عن مشاعر الإحباط والخذلان, وسط شيعة علي, جراء مواجهة هزيمة في لبنان, كانوا ينتظرون وبحماس, ما هو نقيضها تماما؟!  

** طالع ما سبق وورد في سياق هذه القراءة الخاصة, لما يجري في لبنان هذه الأيام, وذلك في العنوان التالي:  www.alhakeka.org/507.html و www.alhakeka.org/509.html

*** في تاريخ جميع الحروب وعلى مر العصور, لم يحدث قط وأن سقطت منطقة وعرة للغاية, في غضون بضعة أيام, كما حدث مع هضبة الجولان السورية عام 1967 و....في حرب تشرين عام 1973 كان الطريق مفتوحا بالكامل, أمام القوات الإسرائيلية, للزحف صوب العاصمة دمشق, لولا وصولا طلائع القوات العراقية, في اللحظة الحاسمة من المعركة ....وذلك لا يعني ويجب أن لا يعني, أن الشعب السوري ....شعب جبان أو ما أدري شنو من سخيف الاعتقاد, وإنما يعني بالتحديد, أن نظام العفالقة منخور من الداخل, ومو شلون ما جان, وصدقوني راهنا, ليس هناك بين السوريين, كما كان الحال بين العراقيين, الكثير ممن عندهم استعداد, للموت دفاعا عن نظام يسموهم كل صنوف القمع والقهر والإذلال !