الرضوخ في النهاية.... لما هو في حكم الهزيمة؟!

 

من جديد نعيد طرح السؤال : كيف يمكن قراءة هذا الذي يجري اليوم في لبنان, خارج إطار عمليات قصف السائد من وعي القطيع, بقنابل وصواريخ حرب الدعاية, بين المحور السعودي والمحور الإيراني؟!

دعونا في البداية,وبحكم تاريخ طويل, من وجع التجربة, نعيد التذكير ,بما هو ثابت من الرأي والاعتقاد, منطلقا للاتفاق أولا, على توصيف هذا الذي يجري اليوم في لبنان وغزة, باعتباره من حيث الأساس والجوهر, تكرار حرفي لفعل همجي, يندرج في إطار نهج العقاب الجماعي, الذي تعتمده الطبقة الحاكمة في إسرائيل, ومنذ قيامها قبل أكثر من نصف قرن من الزمن!*  وحيث جرى ولا يزال يجري, تحميل الشعب الفلسطيني, وسائر شعوب المجاور من الدول, تبعات عنتريات الحكام الطغاة, وخصوصا راهنا عفالقة الشام, وأعداء السلام والحياة, من المطايا المجاهرين بالقتل, وخصوصا راهنا حماس, وبحيث يجري التعامل, مع هذه الشعوب,  كما لو كانت, لا تستحق وغير جديرة, بالتعامل, مع حياة أبناءها, بما في ذلك, حتى من هم في سن الرضيع, باعتبارهم مثل سائر شعوب الأرض,  ينتمون بدورهم فعلا وحقا لعالم البشر!

وصدقوني هذا النهج الهمجي, نهج العقاب الجماعي, مبدأ ثابت, في عمل الطبقة الحاكمة في إسرائيل, بغض النظر عن الحزب الذي يقود العملية السياسية, وسواء كان حزب العمل أو الليكود أو حزب شارون الجديد, ومن يحاول تجاوز هذا النهج الهمجي, منطلقا للعمل بصدق, من أجل إنهاء هذا الصراع الدموي, وتحقيق السلام, يكون مصيره القتل, وعلى النحو الذي حدث لرئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين, الذي دفع حياته ثمنا, لجهده الهادف إيجاد تسوية سياسية تنهي دورة العنف والموت في الشرق الأوسط, وبالتعاون مع معسكر السلام في الجانب الفلسطيني, بقيادة الراحل عرفات والرئيس الفلسطيني راهنا, محمود عباس بالذات وبالتحديد.        

و.........هذا التأكيد من جديد, على ما تقدم, من المعروف للغاية, عن نهج العقاب الجماعي, الذي تعتمده الطبقة الحاكمة في إسرائيل, يكتسب اليوم بتقديري, أهمية استثنائية, خصوصا بعد أن بات الصراع, بين المحور السعودي والمحور الإيراني, في ميدان حرب الدعاية, يتمحور رسميا وإعلاميا, وعلى المستوى الشعبي العام, حول ما بات يعرف بسالفة ( الذريعة), وحيث تقود السعودية, المعسكر الذي يحمل حزب الله, ومن يدعمون حزب الله ( إيران وسوريا) المسؤولية عن تقديم المطلوب من ( الذريعة) لقيام إسرائيل بالهجوم على لبنان....الخ ما يجري ترديده في إمبراطورية الدعاية التابعة للمحور السعودي, في حين المعسكر الذي تقوده إيران, يتهم إسرائيل, بتوظيف هذه (الذريعة) ذريعة قيام حزب الله بخطف جنودها, لتكرار شن العدوان من جديد, ضد الشعب اللبناني, ولتنفيذ هدف معلن ومعروف سلفا, يستهدف القضاء على حزب الله, لدوره المشهود في دعم الشعب الفلسطيني .....الخ ما يجري تكراره في إمبراطورية الدعاية التابعة للمحور الإيراني.

ودعونا وبالعراقي الفصيح, نعيد ترتيب ما تقدم, لتسهيل مهمة, قراءة هذا الذي يجري اليوم في لبنان, بعيدا عن تأثيرات قنابل وصواريخ حرب الدعاية, بين المحور السعودي والمحور الإيراني, ....و.....أولا وقبل كل شيء هذا العدوان البربري ضد لبنان, يندرج في إطار نهج العقاب الجماعي, الذي تعتمده الطبقة الحاكمة في إسرائيل, لتأكيد قدرة ما كنتها العسكرية على القتل والتدمير, وثانيا أن السعودية وسواها من أنظمة بني القعقاع, توظف ذريعة عملية الخطف التي نفذها حزب الله, للتنصل وبمنتهى الدناءة, من القيام بالحد الأدنى الواجب, لحماية الشعب اللبناني, وثالثا أن حكام إيران ونظام العفالقة في الشام, يطمحون إلى توظيف هذا الذي يجري من الحرب, أو هكذا كانوا يأملون في الواقع, للمساومة مع الأمريكان, وبما يفيد تحقيق مكاسب سياسية, بحكم  قدرة حكام طهران ودمشق ,ودون سواهم ,على ممارسة الضغط على حزب الله, للقبول بما يتعارض تماما, مع هذا الذي يجري اليوم ترديده من أفلام: النصر أو الشهادة !  

السؤال: هل ترى أن قيادة حزب الله, لا تعرف كل ما تقدم عن واقع الحال, والمختلف من الأهداف, بين إطراف الصراع المحتدم في الشرق الأوسط , أو كانت تجهل تبعات وكوارث, تعريض الشعب اللبناني, ومن جديد, لنهج العقاب الجماعي, وخصوصا وأن الشعب اللبناني بعد الفلسطيني, دفع مرات ومرات, ثمنا باهضا, جراء هذا النهج الهمجي, الذي تعتمده الطبقة الحاكمة في إسرائيل, و لبنان بالذات, هو البلد الوحيد, الذي جرى احتلال عاصمته من قبل القوات الإسرائيلية عام 1982 يوم ما كان هناك حزب الله, وبذريعة قيام مرتزقة المخابرات الصدامية ( عصابة أبو نضال) بمحاولة فاشلة لاغتيال سفير إسرائيل في بريطانيا, وأعيد الـتأكيد في بريطانيا, يعني بعيد كلش عن لبنان؟!   

و.......الجواب معروف سلفا, إذا لا يوجد هناك أحد في لبنان, وخصوصا في لبنان, ومهما كان مستوى وعيهم السياسي متدنيا, من يجهلون طبيعة وشكل الصراع بالوكالة, الذي يدور على أرضهم وخلافا لإرادتهم, كما يعرفون وأكثر من سواهم, التبعات الكارثية لنهج العقاب الجماعي, الذي تعتمده الطبقة الحاكمة في إسرائيل, وبالتالي يغدو من الطبيعي السؤال : هل أن قيام حزب الله, بخطف أثنين من جنود إسرائيل, كان عملا مقصودا, ولتحقيق هدف محدد, وفي هذا الوقت بالذات وبالتحديد؟! أو أن هذا القرار  ( قرار الخطف) إنما جرى بتأثير من إيران وسوريا, ولتحقيق هدف لا يمت راهنا بصلة لا من قريب ولا من بعيد, للمصالح الوطنية للشعب اللبناني؟! 

على صعيد المعلن من الهدف, قيادة حزب الله تؤكد, أن عملية, خطف أثنين من جنود إسرائيل, وفي هذا الوقت بالذات, كان قرارا لبنانيا, وما كان مجرد صدفة, وإنما جرى تنفيذ عملية الخطف ,بقرار مدروس ولتحقيق هدف مقصود, وبالتحديد وبالذات إرغام ( حكومة العدو الصهيوني) على التفاوض, بما يؤدي, إلى إطلاق سراح جميع الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين من السجون الإسرائيلية!

إذا كان ذلك حقا وفعلا, هو الهدف الأساس من عملية خطف الجنود, وأن العملية جرى تنفيذها,بقرار مدروس ولتحقيق هدف مقصود, ذلك وكما يفترض منطقيا, يعني أن قيادة حزب الله, كانت تدرك سلفا, أو في موقع العارف, بجميع المختلف من الاحتمالات, عن شكل ومستوى, ردود فعل ما يسمى, وفق المتداول من التوصيف (حكومة العدو الصهيوني) ؟!

و......طالما أن قيادة حزب الله, كانت تعرف سلفا, المختلف من الاحتمالات, وفي المقدمة من ذلك, احتمال, أن تلجأ إسرائيل ومن جديد, إلى اعتماد نهج العقاب الجماعي, وبكل هذا القدر من الهمجية, يغدو من المنطقي التساؤل أولا وقبل كل شيء : من منح قيادة حزب الله التفويض, على اتخاذ قرار الحرب, وضد عدو  لا يعرف الرحمة, وبمعزل عن جميع القوى والأطراف السياسية, بما في ذلك الحكومة اللبنانية؟! وهل حقا أن اعتماد أسلوب الخطف, وبعد أن فشل في غزة, هو الشكل المناسب والوحيد, لضمان إطلاق سراح الأسرى من السجون الإسرائيلية؟!** أو قبل هذا وذاك, هل أن حرية هولاء الأسرى, أكثر أهمية, عند قيادة حزب الله, من حياة المئات من اللبنانيين, ممن قتلوا لغاية الساعة ويتواصل قتل المزيد, نتيجة إصرار إسرائيل, على معاقبة الشعب اللبناني وبمنتهى الهمجية؟!***

دعونا نتطوع, وخلافا لكل ما تقدم من المعطيات, ونفترض, مجرد نفترض, أن حكام طهران والشام, لا يملكون سلطان القرار داخل قيادة حزب الله اللبناني, وأن قيادة هذا الحزب  (اللبناني)  تملك كامل الحرية, فيما تريد اتخاذه من القرار, وبالتالي ( وما زلنا في عالم الافتراض) أن عملية الخطف, كانت نتيجة غلط, في قراءة حسابات السائد من موازين القوى, في اللحظة الراهنة من الزمن, وبالتالي أن قيادة حزب الله, ما كانت تتوقع, أن تكون ردة فعل إسرائيل بهذا القدر من الهمجية!

إذا كان ما تقدم من الافتراض, ينطوي منطقيا على بعض الصواب, ترى في هذه الحالة, وعلى ضوء هذا الافتراض, هل أن تصعيد الموقف, وصولا إلى قصف ميناء حيفا, بالاعتماد على المخزون من السلاح, الواصل من إيران وسوريا,سيقود  (حكومة العدو الصهيوني) للتراجع والرضوخ وبحيث يجري بالفعل إطلاق سراح الأسرى, أو يمكن أن يقود للعكس تماما, وبحيث تتمادى إسرائيل, باتجاه توسيع نطاق نهج العقاب الجماعي, ليشتمل احتلال مناطق واسعة من الجنوب, أو على الأقل الاستمرار في العدوان بذات الوتيرة راهنا, بما  يعزز مواقف مختلف الأطراف اللبنانية, الداعية إلى نزع سلاح حزب الله, وفي ظل إجماع دولي, على فرض وجود الجيش اللبناني, في مناطق الجنوب وبالتحديد على الحدود المشتركة مع إسرائيل, الأمر الذي بات اليوم, على وشك التحقق عمليا, بغض النظر عن استمرار أو توقف العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية!****

بالعراقي الفصيح: على الصعيد اللبناني, حزب الله, بات اليوم في موقع النقيض, لجميع الأطراف السياسية, وفقد الكثير من مصداقيته, على المستوى الشعبي, ولا أحد ممن تطوعوا, لإدانة العدوان الإسرائيلي, سواء على الصعيد الرسمي, أو على صعيد الأطراف السياسية الأساسية, أعلن دعمه وإسناده, حتى ولو بشكل غير مباشر, لقيام حزب الله بعملية الخطف, والمطروح اليوم من الشعار : دعونا نخلص والى الأبد من هذه المحنة, محنة خوض الصراع بالوكالة عن الضواري على أرض لبنان ! 

و........عربيا موقف جميع الأنظمة العربية, باستثناء نظام عفالقة الشام, بات معروف كلش, ليس على صعيد, عدم التحرك لمواجهة العدوان, أو على الأقل, الوقوف على الحياد, وإنما على صعيد مهاجمة حزب الله, بمنتهى الضراوة , بما ينطوي في الواقع, وبهذا القدر أو ذاك, على توفير الغطاء المطلوب سياسيا وإعلاميا, لمواصلة العدوان الإسرائيلي, في حين أن من يدعمون حزب الله, وبالتحديد حكام طهران ودمشق, يقفون في موقع العاجز, عن دعم وإسناد حزب الله عمليا, في مواجهة الحرب ضد إسرائيل, خصوصا بعد أن تطور الوضع سريعا, باتجاه بات يهدد بتوسيع نطاق هذه الحرب, وبشكل لا يمكن أن يخدم مصالح هذين النظامين راهنا أو على المدى المنظور, وربما بشكل يمكن أن يهدد وجودهما بالخطر!

وعلى الصعيد الدولي, هناك إجماع ليس فقط على إدانة عملية الخطف, وإنما على صعيد الدعوة, لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559, والداعي إلى مساعدة الجيش اللبناني على بسط سيطرته على المناطق المتاخمة للحدود مع إسرائيل التي يسيطر عليها مقاتلو حزب الله في الوقت الحالي, هذا فضلا عن أن حزب الله, موضع على لائحة المنظمات الإرهابية,***** وفق تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوربية, كما يجري تصويره اليوم إعلاميا, وعلى نطاق واسع, باعتباره مجرد أداة بيد حكام طهران والشام, ومهمته الأساس إدامة التوتر, وعرقلة الجهود الرامية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. 

شخصيا أعتقد أن إسرائيل, سوف تحقق ما تريده في النهاية, وبالتحديد على صعيد,فرض وجود قوات الجيش اللبناني في الجنوب, وبالذات في المناطق المحاذية للحدود مع إسرائيل, سواء من خلال مواصلة قصف الأراضي اللبنانية, أو العمل على الأرض في منطقة الجنوب, بما يكفل إقامة منطقة عازلة, يجري تسليمها لاحقا للجيش اللبناني, في حال المباشرة عمليا, في نزع سلاح حزب الله, منطلقا للتوصل إلى ما يفيد, المباشرة في المفاوضات مع الحكومة اللبنانية, من أجل عقد اتفاقية سلام بين لبنان وإسرائيل, على النحو الذي حدث من قبل مع مصر والأردن!

وأقول أعتقد, رغم قناعتي أن ذلك هو المتاح, وما سوف يتحقق في النهاية, بحكم السائد من موازين القوى على الصعيد اللبناني والعربي والدولي, وبغض النظر, عن زمن وشكل تنفيذ هذا المطلوب أن يتحقق, على مستوى التفاصيل وأسلوب الإخراج!    

سمير سالم داود  21   تموز 2006

alhkeka@hotmail.com

 * طالع القسم الأول من هذه القراءة : www.alhakeka.org/507.html

** من بين الذرائع التي يجري ترديدها وبمنتهى الغباء, لتبرير عملية الخطف, هو نجاح حزب الله في قبل سنوات في إطلاق سراح الكثير من الأسرى باعتماد أسلوب الخطف, دون مراعاة لتبدل الظروف, واختلال موازين القوى عربيا وإقليميا, وبالذات وبالتحديد اختلال موازين القوى على الساحة اللبنانية درماتيكيا, وخصوصا بعد طرد قوات عفالقة الشام من لبنان!    

***بعد أقل من أسبوع على مباشرة إسرائيل سياسية العقاب الجماعي, اضطر أكثر من مائة ألف شخص على ترك الأراضي اللبنانية, وبات أكثر من نصف مليون لبناني بدون مأوى, فيما بلغ حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد اللبناني, ما يزيد عن نصف مليارد دولار, في حين تعرض موسع السياحة للانهيار بالكامل, ودخل السياحة كما هو معروف, يعد المصدر الأساس للاقتصاد اللبناني, وللغالبية العظمى من أبناء الشعب اللبناني, ...و.....صدقوني بمقدوري القول, لو توفرت اليوم الفرصة لاستفتاء اللبنانيين, حول موقفهم من حزب الله, لما وجد نصر الله بالتحديد من يسانده, سوى أقل من القليل, بين صفوف جميع فئات الشعب اللبناني, وحتى وسط طائفة الشيعة, لا يساورني الشك, من أن هناك الكثير, وبالتحديد من تضرروا من انهيار موسم السياحة, ممن يرددون ولكن في السر طبعا : الله يقصف عمرك يا غضب الله!         

**** أو حتى قصف الأراضي السورية, ويمكن حتى أن يجري, استغلال هذا الظرف بالذات, لضرب المفاعل النووية في إيران!

***** من يدري, ربما تقوم أحد عصابات الهمج الوهابيين, في تنفيذ عملية إرهابية, في إحدى الدول الأوربية, وإلقاء تبعاتها على عاتق حزب الله, المعروف برفضه القيام بعمليات خارج حدود لبنان, وذلك لتعزيز تهمة الإرهاب, على هذا (الحزب الرافضي) كما صرح واحد حمار بدرجة مفتي أو العكس, والذي يبدو من هيئته العامة, كما لو كان خارجا للتو من كهف, أو واحد عنده بواسير, وطالع من التواليت, وأن كان المتقدم من الاحتمال ( طالع من الكهف) هو الاصوب بتقديري, لان صدقوني ماكو وهابي, يعرف أساسا, شنو التواليت, كما أن استخدام الإبريج, وكما هو معروف, يعد من الكبائر, ومحرم شرعا, وفقا لشريعة أبن نميمه هههههههههههه     

طالع في العنوان التالي القسم الأخير من المتابعة عن مستنقع كتابات وفضيحة النص المفبرك مخابراتيا : www.alhakeka.org/506.html