عن لبنان بعيدا عن صواريخ حرب الدعاية
!!
كيف يمكن التعاطي, على صعيد ممارسة فعل
الكتابة, مع هذا الذي يجري اليوم في لبنان, بعيدا عن تأثير, عمليات قصف السائد من
وعي القطيع, بقنابل وصواريخ حرب الدعاية, بين المحور السعودي والمحور الإيراني,
والتي تستهدف اليوم, كما كانت على الدوام, منع الناس في الدول العربية والإسلامية,
استخدام سلاح العقل والمنطق, في التعامل مع المختلف من الأحداث والتطورات,
وبالاعتماد على ما يسود, من الحقائق والوقائع على الأرض, عوضا عن مواصلة الخضوع
للأوهام والتمنيات وحتى الخرافات, والتي لا تقود, ولا يمكن أن تقود في النهاية,
خصوصا في ظل السائد راهنا, من موازين القوى, عربيا وإقليميا ودوليا, سوى إلى حصد
المزيد والمزيد من الخذلان واليأس !
في البداية لابد من التأكيد, على
أن هذا التباين الحاد, في الموقف على مستوى الدعاية, مما يجري في لبنان, هو تحصيل حاصل,
للصراع الضاري والمحتدم, بين المحور الذي تقوده السعودية, والمحاور المنافس الذي
تقوده إيران, وهو صراع والذي تصاعد درماتيكيا, بعد زلزال سقوط نظام صدام العفالقة,
وبات يتمحور من حيث الأساس والجوهر, على فرض سطوة من بمقدوره, امتلاك ما يكفي من
القوة والنفوذ, لتحديد مسار الأحداث والتطورات, في هذا الجزء الحيوي من العالم,
وبشكل خاص واستثنائي راهنا, في منطقة الخليج والعراق وفلسطين ولبنان!
و.......سوف
لا أتوقف, أو في الواقع, لا أحتاج تكليف النفس, عناء التوقف, لمناقشة ودحض موقف من
يمارسون فعل الكتابة, من منطلق الدفاع عن المحور السعودي, لان هذا الموقف المخزي
اليوم, مما يجري ومنذ أكثر من أسبوع في لبنان, من قبل حكام الجزيرة ومصر ....الخ
أطراف هذا المحور وماكيناتهم الدعائية, على مستوى الفعل,هو من حيث الأساس, تكرار
حرفي لذات الموقف المخزي, يوم جرى اجتياح الأراضي اللبنانية, قبل ما يقرب ربع قرن من الزمن, وحيث كان لا يوجد يوم ذاك, حزب الله,
وإيران كانت كما هو معروف, منهمكة في الدفاع عن أراضيها, في مواجهة الهمج من قطعان
صدام!
وصدقوني شخصيا, وباعتباري, أحد
الذين عاشوا, تفاصيل تلك المرحلة, من تاريخ لبنان وشعب لبنان, بمقدوري أن أكتب ما
يكفي لصدور أكثر من كتاب, لفضح الموقف المخزي لحكام السعودية وجميع الحكام العرب
ودون استثناء, وبالخصوص عار موقفهم, أيام حصار بيروت, طوال ما يقرب الثلاثة شهور,
وحيث لم تترك إسرائيل, من سلاح للفتك والتدمير, لم تستخدمه من الجو والبحر والبر,
إلى حد بات الموت هو القاعدة, والبقاء على قيد الحياة ضرب من الاستثناء!*
ما يهمني وبشكل خاص, هو الانعكاسات السلبية لما يجري في
لبنان على الوضع في العراق, وذلك من خلال التوقف أولا عند موقف, من يمارسون فعل
الكتابة, للتعبير بهذا القدر أو ذاك, عن مواقف قوى الإسلام السياسي وسط شيعة علي
في العراق, وبالتحديد من باتوا
يكتبون ما يندرج عمليا, في إطار الدفاع عن موقف حزب الله, وبالتالي المحور
الإيراني, وصولا إلى حد تحويل مجرى الصراع بين المحور السعودي والإيراني, إلى صراع
مذهبي وبعيدا عن جوهره وهدفه الأساس, باعتباره صراع على النفوذ, بين مصالح المختلف
من الدول, تماما كما جرى ولا يزال تحويل الصراع ضد العفالقة الأنجاس إلى صراع
طائفي قذر, حقق للعفالقة والقوى السلفية المتشددة وهابيا في العراق, ما ساعدهم على
فرض نفوذهم وسطوتهم على الغالبية العظمى من أتباع طائفة الأقلية وسط العرب, والحصول
على جميع ما يحتاجون من العون والدعم من سائر حكام وحتى شعوب بني القعقاع!**
و....... ورغم جميع القرائن والدلائل عن أن الصراع السعودي
الإيراني, هو صراع على النفوذ, بين دول متعارضة المصالح والأهداف, وفي منطقة حيوية
اقتصاديا للغاية عالميا, وفي ظل اختلال خطير في موازين القوى إقليميا وعالميا,
يجري للأسف وللأسف الشديد, تجاهل كل ذلك, من قبل الكثير ممن يمارسون فعل
الكتابة وسط شيعة علي, وبحيث باتوا يكتبون وبدون وعي, ما يساهم في إضفاء طابع
مذهبي على هذا الصراع, وبشكل يخدم عمليا المحور السعودي, ويمكن بالتالي أن يلحق
فادح الضرر, ليس فقط بشيعة علي في جنوب لبنان, وإنما شيعة علي في العراق, خصوصا في
حال النجاح, بتورط بعض قوى الإسلام السياسي, للمشاركة في خوض غمار معركة, محسومة
سلفا بالهزيمة!
والغريب
والغريب تماما, أن البعض الذين كتبوا الكثير, وعن صواب, في معرض إدانة موقف
حزب الله المعروف, في دعم ما يسمى الجهاد ضد الاحتلال في العراق, رغم جميع
الشواهد, والدامغ من البراهن, على
أن هذا الجهاد المزعوم, إنما يستهدف من حيث الأساس, قتل الأبرياء وبالتحديد
وسط شيعة علي, باتوا اليوم لا يجدون حرجا, من مناشدة جميع من يمارسون فعل الكتابة,
إلى وضع العقل على صفحه, والكتابة عما يجري في لبنان, بوحي المشاعر والعاطفة,
باعتبار أن ما يجري, يستهدف القضاء على الشيعة من قبل اليهود, وبدعم من الحكم
الوهابي في السعودية!
و......هناك من تجاوز ما تقدم, وبحيث بات يجهد النفس, في البحث على ما يؤكد, أن هذا الذي يجري اليوم في
لبنان, هو حرب بين (الشيعة واليهود) وبدليل أن ذلك ورد ذكره
في النص القرآني .......الخ هذا النمط المثير للسخرية من التفكير, والذي لا يمكن
أن يشطب على حقيقة, ما يجري بالفعل راهنا على أرض الواقع, والذي من المستحيل
مواجهة ما يسوده من اختلال خطير في موازين القوى, بالهروب بعيدا عن خذلان الواقع,
من خلال التذكير بحجارة سجيل, التي عصفت بجيش إبرهة الحبشي عند أبواب مكة, وذلك
للخلوص إلى حتمية انتصار حزب الله, على إسرائيل وأمريكا ومن ولاهم من الحكام
الوهابيين, بالاعتماد على العون الإلهي, الذي لابد وأن يأتي في اللحظة الحاسمة,
وبحيث يتحول الانكسار إلى انتصار.....الخ التمنيات التي لا يساورني الشك, أن من
يرددوها هذه الأيام, منطلقا نحو إشاعة الأوهام والخرافات, سوف يسرعون وقبل سواهم
عند حدوث العكس , المباشرة وبذات القدر من الحماس, لتبرير الهزيمة بالحديث عن أن
ذلك لابد وحتما, يندرج في إطار اختبار رب العالمين لصدق إيمان المؤمنين من
العباد,, وعلى أساس أن ذلك ( تعرضهم للهزيمة) ضرب من الامتحان الرباني ......الخ
هذه الخزعبلات التي تقحم الأيمان الديني للناس في ميدان التحليل السياسي, بما يحول
ويؤديا عمليا, إلى تعطيل قدرتهم على استخدام سلاح العقل, وبحيث أن الحديث عن
مراعاة موازين القوى السائد بالفعل وليس على مستوى التصور, واعتماد الصائب من
التحالفات, واختيار المناسب من الوقت ...الخ بديهيات خوض الصراع, حتى في إطار حروب
العشائر, يعد باعتقاد هذا الصنف من جماعة ( العون الإلهي) و ( العقاب الرباني)
ضربا من الكفر والضلال!***
على ضوء كل ما تقدم, دعونا نضع
أولا العواطف والمشاعر على صفحه, لان من يمارس فعل الكتابة, لا يمكن أن يكون
محكوما بوعي القطيع, أو يمارس هذا الفعل, طمعا بالحصول على (عفارم) من المتلقي, وإنما تلك مهمة, تقتضي على العكس من ذلك,
استخدام العقل, أكبر قدر ممكن من العقل, في محاكمة ما يجري على أرض الواقع, بعيدا
عن التمنيات والأوهام والخرافات, لضمان قدرة من يكتب في الشأن السياسي, على
استخلاص الاستنتاجات المطلوبة والضرورية, التي يمكن بهذا القدر أو ذاك, أن تساعد المتلقي,
وتبعا لمستوى الوعي, على فهم هذا الذي يجري على أرض الواقع بدون رتوش, دون أن يعني
ذلك بالمقابل تجريد كاتب النص السياسي, من ممارسة الحق في عرض الخاص من الاعتقاد,
أقصد ما يعتقده الصواب من الاعتقاد, حول سبل وكيفية التعاطي مع المختلف من الأحداث
والتطورات السياسية.
السؤال : كيف يمكن قراءة هذا الذي يجري اليوم في لبنان,
خارج إطار عمليات
قصف السائد من وعي القطيع, بقنابل وصواريخ حرب الدعاية, بين المحور السعودي
والمحور الإيراني؟!
سمير سالم داود 20 تموز 2006
*في حزيران عام 1982
كان لا يوجد يوم ذاك حزب الله, وأن كانت توجد هناك مجاميع صغيرة, انشقت عن حركة
أمل بقيادة نبيه بري, التي كانت تمثل سياسيا, الطائفة الشيعية في لبنان, وبمقدور
شخصيا القول, طوال فترة حصار بيروت, ما كان هناك سوى مقاتلي حركة أمل يشاركون في
مهمة الدفاع عن بيروت, وما بات يتردد في تلك الأيام من المعلومات, عن وجود مجموعة,
تعمل تحت أسم حزب الله في منطقة البقاع, ترافق عمليا مع وصول بضعة مئات من
المتطوعين الإيرانيين, الذين لم يتمكنوا من اختراق الحصار, للدخول إلى بيروت, وفي
الواقع من كانوا يشاركون مهمة الدفاع عن العاصمة اللبنانية, ما كانوا بحاجة للمزيد
من المقاتلين, وإنما بحاجة إلى ما يدعم صمودهم, ويساعدهم على كسر طوق الحصار, من
خلال التهديد بوقف تصدير النفط من قبل السعودية وسواها من الدول المصدرة للنفط,
للضغط باتجاه دفع الولايات المتحدة والغرب منع الطيران الإسرائيلي, من مواصلة قصف
بيروت, بكل المخزون من أسلحة الدمار والفتك الأمريكية, أو مبادرة نظام ( قلعة
الصمون والتصدي) بإطلاق جم رصاصة ضد مواقع ( العدو الذي أحتل الأرض وأنتهك العرض)
في الجولان, أو على الأقل مد يد العون للجنود السوريين, في إطار قوات الردع , ممن
تركهم نظام الأوغاد من عفالقة
الشام, وطوال شهور الحصار, بدون ما يلبي حاجتهم حتى للطعام والماء!
** ما هي صورة أتباع
المذهب الجعفري, وخارج مناطق تواجدهم في العراق وإيران ولبنان وبالتحديد على صعيد
ما يسود وعي القطيع, المحكوم بسطوة وسلطان, فضائيات العهر؟!
هل يوجد هناك
من يمتلك, ما يكفي من الوعي والوضوح, للرد على هذا السؤال بما يفيد الكشف عن ما هو السائد اليوم, من التصور البشع,
عن أتباع المذهب الجعفري, والذي يكاد أن يكون هو السائد وسط المسلمين من أتباع
المذاهب الأخرى, ولكن شريطة الكتابة, ليس من منطلق التوصيف والتبرير, وإنما من
منطلق, مواجهة الذات أولا وقبل كل شيء!
*** صدقوني هذا النمط الساذج من التفكير, هو
ما يسود أوساط القوى السلفية المتشددة, وسط أتباع جميع الأديان الأخرى, وبشكل
خاص أتباع الدين اليهودي, ممن
يعتقدون, أن من حقهم, تنفيذ ما يريدون, وبالشكل الذي يريدون, بحكم ما يملكون من
التفويض الرباني, والوارد في نص التوراة, والذي يؤكد على أن بني إسرائيل ودون سواه
من البشر: شعب الله المختار ههههههههههههههه
طالع في العنوان التالي القسم الثاني من المتابعة عن
مستنقع كتابات وسالفة النص المفبرك مخابراتيا : www.alhakeka.org/505.html